للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعنده يعود (١) محرمًا ملبياً لما أنه لما انتهى إلى الميقات حلالًا وجب عليه التلبية عند الميقات، والإحرام، فإذا ترك [ذلك] (٢) بالمجاوزة حتى أحرم وراء الميقات، ثُمَّ عاد فإن لبّى فقد أتى بجميع ما هو المستحق عليه، فسقط عنه الدم، وإن لم يلبّ، فلم يأت بجميع ما استحق عليه، وهذا بخلاف من أحرم قبل أن ينتهي إلى الميقات؛ لأن ميقاته هناك موضع إحرامه، وقد لبّى عنده فقد خرج الميقات المعهود من أن يكون ميقات الإحرام في حقه، فلذلك لا يضرّه ترك التلبية بخلاف ما نحن فيه، كذا في «المبسوط» (٣) وغيره لا يسقط عنه الدم (٤) بالاتفاق لما ذكرنا أن ما فعل وقع معتدًّا به، فبالعود إلى الميقات لا يعود حكم الابتداء، فلا يسقط عنه الدم.

(وإذا دخله).

أي: وإذا دخل البستان التحق بأهله سواء نوى الإقامة خمسة عشر يومًا أو لم ينو إلا أنه روى عن أبي يوسف -رحمه الله- أنه إن نوى الإقامة بالبستان خمسة عشر يومًا كان له أن يدخل، وإن نوى الإقامة بالبستان دون خمسة عشر يوماً ليس له أن يدخل مكة إلا بإحرام، كذا في «المبسوط» (٥).

(ومن دخل مكّة بغير إحرام، ثُمَّ خرج من عامه ذلك) (٦) إلى آخره.

صورة المسألة أن الآفاقي إذا دخل مكة بغير إحرام، ولزمه بسبب دخوله مكة إما حجة أو عمرة عندنا خلافًا للشافعي (٧) على ما مرّ، ثُمَّ حج من عامة ذلك حجة الإسلام أو حجة أو عمرة نذرها، فحجة الإسلام، أو الحجّة المنذورة، أو العمرة المنذورة تنوب عن الحجّة أو العمرة التي وجبت عليه بسبب دخول مكة بغير إحرام حتى يسقط ذلك عنه [بإتيان] (٨) الحجّ المفروض أو غيره عندنا خلافًا لزفر -رحمه الله-.

واعلم: أن هاهنا قيداً ذكره في «شرح الطحاوي» (٩)، وهو أن الآفاقي إذا جاوز الميقات قاصدًا مكة بغير إحرام مرارًا، فإنه يجب عليه لكل مرة إما حجة وإما عمرة، ثُمَّ لو خرج من عامه ذلك إلى الميقات، فأحرم بحجة الإسلام أو غيرها، فإنه يسقط عنه ما وجب عليه لأجل المجاوزة الأخيرة، ولا يسقط عنه ما وجب عليه لأجل مجاوزة قبلها؛ لأن الواجب قبل الأخيرة صار دينًا، فلا يسقط [عنه] (١٠) إلا بتعيين النية.


(١) في (ب): بعوده.
(٢) أثبته من (ب).
(٣) انظر: المبسوط (٤/ ١٧١).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) انظر: المبسوط (٤/ ١٦٩).
(٦) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٣).
(٧) انظر "المجموع" للنووي (٧/ ١٠).
(٨) أثبته من (ب) وفي (أ) بإثبات. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٩) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ١٦٦).
(١٠) أثبته من (ب).