للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيده بالرمي في المبسوط يدل على أنه لو ضربه بالسيف حتى قتله كان ينبغي أن يجب القصاص على قوله كما في الذبح لعدم احتمال التأديب (١).

وفي الأسرار لم يفصل على قوله هذا التفصيل بل قال: لا يقتل الوالد بولده عندنا وعند عامة العلماء (٢).

وكذلك الابن إذا (وَرِثَ قِصَاصاً عَلَى أَبِيهِ سَقَطَ (٣) وقال مالك: يقتل الولد (٤) بولده وللولد أن يقتل والده بالقصاص الذي يرثه أو يجب له بقتل وليه وذهب في ذلك إلى العمومات الموجبة للقصاص من غير تفصيل (٥).

وحجتنا في ذلك: ما ذكره في الكتاب، ومنهم من استدلَّ بقوله -عليه السلام-: «أنت ومالك لأبيك» (٦)

فظاهر هذه [الإضافة] (٧) توجب كون الولد مملوكًا لأبيه ثم حقيقة الملك تمنع وجوب القصاص كالمولى إذا قتل عبده فكذلك شبهة الملك باعتبار الظاهر.

[[الفرق بين الحد والقصاص]]

فإن قلت: ما الفرق بين الحد والقصاص، فإن القصاص لا يجب على الأب إذا قتل ابنه عمدًا والحد يجب على الأب وإن كان رجمًا إذا زنى بابنته كما لو زنى بأجنبية لتغلظ جنايته؛ لأنَّ الحرمة هناك على التأبيد وكذلك قتل الأب ولده أغلظ في الجناية من قتله الأجنبي لأنَّه انضمَّ ههنا إلى تعمد القتل بغير حق معنى قطيعة الرحم فإذا وجب القصاص على الأجنبي فأولى أن يجب على الأب لغلظ الجناية كما في الزنا.


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (٢٦/ ٩٠، ٩١).
(٢) ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة: أن الرجل لا يقتل بابنه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يقاد الوالد بولده».
ومذهب المالكية: لا يقاد الأب بالابن إلا أن يضجعه ويذبحه أو يحبسه حتى يموت مما لا عذر له فيه ولا شبهة.
يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٩١)، بدائع الصنائع (٧/ ٢٣٥)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٦١)، تبيين الحقائق (٣/ ٧٠)، المدونة الكبرى (١٦/ ٣٩٠)، الذخيرة (١٢/ ٣٢٠)، الحاوي الكبير (١٣/ ٤٣٠)، العدة شرح العمدة (٢/ ١٢٠)، روضة الطالبين (٩/ ١٥٢)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (٩/ ٣٧١)، المبدع (٨/ ٢٧٣)، الإنصاف؛ للمرداوي (٩/ ٤٧٤)، الفقه على المذاهب الأربعة (٥/ ١٣٢).
(٣) بداية المبتدي (٢٤٠)، وهو لفظ القدوري. مختصر القدوري (٢٨٣).
(٤) وفي (ب) (الوالد) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٥) ويَشترط مالك: أن يكون عمد لقتله مثل أن يضجعه فيذبحه. فأما ما رماه به أو ضربه به أو حذفه به فإنه لا يقاد منه. يُنْظَر: المدونة الكبرى (١٦/ ٣٩٠).
(٦) رواه أحمد (٢/ ٢٠٤)، برقم (٦٩٠٢). ورواه ابن ماجه (٢/ ٧٦٩)، في (كتاب التجارات)، في (باب ما للرجل من مال ولده)، برقم (٢٢٩١). قال في نصب الراية (٣/ ٣٣٧): قال ابن القطان: إسناده صحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات.
(٧) سقط في (ب).