للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: الاستدلال بهذا على أن الذرع وصف غير مستقيم؛ فإن الطول والعرض كما هو وصف، فيقال: شيء طويل وعريض، فكذلك القلة والكثرة أيضاً وصف.

فيقال: شيء قليل أو كثير، ثم عشرة أقفزة من المكيلات كثيرة بالنسبة إلى تسعة أقفزة، فلم يجعل القفيز الزائد وصفاً [هناك، فكيف يجعل الذرع الزائد وصفاً] (١) ههنا مع مساواة القفيز فيما هو للذرع (٢) على ما قلنا.

قلت: نعم كذلك، إلا أن القلة والكثرة من حيث الكيل أو الوزن كان أصلاً، والقلة والكثرة من حيث الذرع كان وصفاً؛ لدخولهما تحت الحدود/ التي ذكرنا في التفرقة بين الأصل والوصف، فإن عشرة أقفزة لا يزداد قيمتها بزيادة القفيز العاشر،

مع أن وصف الكثرة حصل به، وذلك لأن الكثرة فيها (٣) عبارة عن بيان كثرة الأصول (٤)، والأصل لا يكون وصفاً للأصل، بخلاف الذرع، فإن عشرة أذرع من الثوب يزداد قيمتها بزيادة الذرع العاشر؛ لأنها تبلغ الثوب الذي يلبس بوجود الذرع العاشر، وبدونه لا يبلغ، فكان التسعة أذرع زيادة قيمة لم يكن هي لها بدون الذرع العاشر، وهذا متعارف فيما بين التجار، فكان الذرع وصفاً.

[[الخلاف في الوصف]]

(فقال: والوصف لا يقابله شيء من الثمن)

فإن قيل: الأوصاف لو لم يقابلها شيء من الثمن وجب أن لا يرجع بنقصان العيب فيما إذا امتنع الرد، حتى إن رجلاً لو اشترى عبداً فأعتقه أو مات عنه، ثم اطلع على أنه لم يكن أصابع يده تامة يرجع على بائعه بالنقصان، وكمال الأصابع وصف فيه؛ لدخوله تحت حد الوصف الذي ذكرنا.

قلنا: الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن، إلا إذا صارت مقصودة بالتناول، حقيقةً أو حكماً، إما حقيقة كما إذا باع عبداً فقطع البائع يده قبل القبض يسقط نصف الثمن؛ لأنه صار مقصوداً بالقطع، وإما حكماً فبأن يكون امتناع الرد لحق البائع، أو لحق الشارع، أما حق البائع فكما إذا تعيب المبيع عند المشتري، وأما حق الشارع فكما إذا خاط المبيع بأن كان ثوباً ثم وجد به عيباً لوصف متى صار مقصوداً بأحد هذين يأخذ قسطاً من الثمن، كذا في الفوائد الظهيرية (٥)

(كالأطراف في الحيوان) (٦)


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) "المذروع" في (ب).
(٣) سقط من (ب).
(٤) "الأصل" في (ب).
(٥) ينظر: البحر الرائق شرح كنْز الدقائق (٥/ ٣١٤).
(٦) قال في الهداية: "فلهذا يأخذه بكل الثمن، بخلاف الفصل الأول؛ لأن المقدار يقابله الثمن، فلهذا يأخذه بحصته، إلا أنه يتخير لفوات الوصف المذكور لتغير المعقود عليه فيختل الرضى" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٣).