للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجملة الجواب: أن المستحب بالتقدم أن يكون أفضل القوم قراءة وعلمًا وصلاحًا ونسبًا وخَلقًا وخُلقًا اقتداء برسول الله عليه السلام، فإنه كان هو الإمام ما دام حيًّا لسبقه سائر البشر في هذه الأوصاف، ثم أمهم الأفضل فالأفضل (١).

ولأن (٢) الإمامة العظمى (٣) وهي الخلافة استنبطت من الإمامة الصغرى، وهي الإمامة في الصلاة؛ وذلك لأن أصحاب رسول الله عليه [السلام] (٤) حين بايعوا أبا بكر الصديق (٥) رضي الله عنه بعد رسول الله عليه السلام قالوا: اختاره رسول الله عليه السلام لأمر دينه أولا نرضاه لأمر دنيانا. فقد استنبطوا الخلافة من الإمامة (٦) في الصلاة، ثم المستحب في الخلافة أن يقدم العالم الورع التقي، وهي لأمر الدنيا فلأن يستحب في التقدمة (٧) في باب الصلاة، وهي لأمر الدين العالم الورع التقي أولى وأحرى، كذا في المبسوطين (٨).

[[امامة العبد]]

ويكره (٩) تقديم العبد إلى آخره (١٠). أما الكراهة فلما/ ذكر في الكتاب، وأما الجواز فلما روي عن أبي سعيد رضي الله عنه مولى أبي أسيد (١١) قال: أعرست (١٢) وأنا عبد، فدعوت رهطًا (١٣) من أصحاب رسول الله عليه السلام وفيهم أبو ذر (١٤)، فحضرت الصلاة، فأراد أبو ذر أن يؤم بالقوم، فقالوا له: أتؤم وأنت في بيت غيرك، فقدموني وصليت بهم (١٥).


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٤٩، ٣٥٠.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) تعريف الامامة: هي مصدر قولك فلان أم الناس، صار لهم إماما يتبعونه في صلاته (يُنْظَر: حاشية رد المختار على الدر المختار ١/ ٥٤٧)، وفي الشرع: (الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى): اسْتِحْقَاقُ تَصَرُّفٍ عَامٍّ في الدِّينِ وَالدُّنْيَا على الْمُسْلِمِينَ. (الْبَحْرُ الرَّائِق ٦/ ٢٩٩)، والامام: مأخوذ من التقدم، فهو المتقدم فيما يقتضي وجوب الاقتداء بغيره، وفرض طاعته فيما تقدم فيه. يُنْظَر: (معجم الفروق اللغوية/ ١/ ٢٢٢).
(٤) ساقط في الأصل.
(٥) هو: عبد الله بن عثمان بن عامر القرشي التيمي أبو بكر الصديق خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه في الغار كان اسمه عبد الكعبة فسماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله وهو أول خليفة في الإسلام فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان أبو بكر ولد بعد الفيل بثلاث سنين.
(الجرح والتعديل: ٥/ ١١١)، و (الإصابة في تمييز الصحابة: ٤/ ١٦٩)، و (تهذيب الكمال: ١٥/ ٢٨٢).
(٦) في (ب): الإمام
(٧) في (ب): التقدم
(٨) يُنْظَر: المبسوط للشيباني: ١/ ٢٠، والمَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٧٤.
(٩) الكراهة: الخطاب المقتضي للترك اقتضاء غير جازم بنهي مخصوص. يُنْظَر: (التوقيف على مهمات التعاريف ١/ ٦٠٢)، أصول الفقه على منهج أهل الحديث (١/ ١١٣)، الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٤٨١).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٥٠.
(١١) هو: أبو سعيد مولى أبى أسيد الأنصاري. يروى عن جماعة من الصحابة روى عنه أبو نضرة.
يُنْظَر: الثقات لابن حبان (٥/ ٥٨٨)، الطبقات الكبرى (٥/ ٨٨).
(١٢) في (ب): عرست.
(١٣) تعريف الرهط: الرهط ما دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة وقيل مطلقا وقيل من سبعة إلى عشرة وقيل إلى أربعين. يُنْظَر: مختار الصحاح (١/ ٢٦٧)، (لسان العرب (٧/ ٣٠٥).
(١٤) أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد، من بني غفار، من كنانة بن خزيمة، من كبار الصحابة. قديم الاسلام، يقال أسلم بعد أربعة وكان خامسا. يضرب به المثل في الصدق. وهو أول من حيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحية الاسلام. هاجر بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بادية الشام، فأقام إلى أن توفي أبو بكر وعمر وولي عثمان توفي سنة ٣٢. ينظر: أسد الغابة ١/ ١٩٠، الثقات/ باب الجيم/ ٣/ ٥٥).
(١٥) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب: الدعاء، باب: ما يدعو به الرجل إذا دخل على أهله (٦/ ٩٢) رقم الأثر: ٢٩٧٣٣. وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه، كتاب: الصلاة' باب: الرجل يؤتى في ربعه (٢/ ٣٩٣) رقم الأثر: ٣٨٢٢. قال عنه الإمام الألباني: سنده صحيح. يُنْظَر: آداب الزفاف في السنة المطهرة (ص: ٩٥).