للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(واللفظ ينتظمهما) أي: لفظ الوقف يتناول ما قاله أبو حنيفة وهو قوله: (إنّ الوقف حَبس العَين على ملك الواقف) ويتناول أيضًا ما قالاه (وهو أنّ الوقف حبس العَين على حكم ملك الله تعالى (١). ولما كان كذلك لم يمكِن ترجيح أحد المذْهبَين بلفظ الوَقف إذا تناولهإياهما على السّواء، فلا بدّ في ترجيح أحد المذهبَين على الآخر بدليل آخر.

[[دليل الوقف]]

ثم ابتدأ ببيان دليلهما بقوله: (ولهما قوله -عليه الصلاة والسلام- لعمر -رضي الله عنه- … ) إلىآخره (٢).

روى صخر بن جويرة عن نافع أنّ عمر بن الخطاب كانت له أرض تُدعى ثمغ (٣)، وكانت نخلًا نفيسًا، فقال عمر: يارسول الله، إنّي استفدتُ مالًا، وهو عندي نفيس، أَمَا أتصدَّق (٤) به. قال: تصدَّق بأصله لا يُباع، ولا يوهَب، ولا يورَث، ولكن ليُنفَقْ مِن ثمرته. فتصدَّق به عمر -رضي الله عنه- في سبيل الله، وفي الرِّقاب، والضّيف، والمساكين، وابن السّبيل، ولذي القربى (٥)، ولاجناح على من وليه أنْ يأكل بالمعروف أو يؤكِّل صديقًا له غير متموِّل عنه. وهذه الأرض سَهم عمر بخيبر حين قسم رسول الله -عليه الصلاة والسلام- خيبر (٦) بين أصحابه.


(١) ينظر المبسوط للسرخسي (١٢/ ٢٨).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشروط، باب الشروط في الوقف، برقم (٢٧٣٧) ٣/ ١٩٨.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبي -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا" قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، وَفِي القُرْبَى وَفِي الرقاب، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ ..
ومسلم، برقم (١٦٣٢) ٣/ ١٢٥٥.
(٣) ثَمْغٌ: بالفتح ثم السكون، والغين معجمة، موضع مال لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حبسه أي: وقفه، جاء ذكره في الحديث الصحيح، وقيده بعض المغاربة بالتحريك، والثمغ، بالتسكين، مصدر ثمغت رأسه أي شدخته، وثمغت الثوب أي أشبعت صبغه. معجم البلدان (٢/ ٨٤ - ٨٥).
(٤) في (ب) "أفأتصدق".
(٥) في (ب) "منه" بعد "القربى".
(٦) ساقط من (ب).