للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لزوم المدَّعِي للمديون]

وعن محمد (١) - رحمه الله-: أنه قال للمدَّعِي أن يحبسه في مسجد حيِّه، وإن شاء في بيته؛ لأنه ربما يطوف به في الأسواق والسِّكَّك (٢) من غير حاجة، وفي ذلك ضرر المدعِي، وفي رواية أخرى عنه (٣): لصاحب الحق أن يَلْزم مديونه المُعسر حيث أحب في المِصر (٤)، وإن كان الملزوم لا معيشة له إلا من كَدِّ يده لم يكن لصاحب الحق أن يمنعه من أن يسعى في مقدار قوته يومًا فيومًا/ فإذا اكتسب ذلك القدر في يومه فله أن يمنعه من الذهاب في ذلك ويحبسه.

قال هشام (٥): سألت محمدًا عن رجل أُخرج من السجن على تفليسٍ فرأى محمد الملازمة مع التفليس، وأشار إلى المعنى فقال: لعلَّ عنده شيئًا لا عِلم لنا به، قال هشام: قلت له: وإن كانت الملازمة تضرّ بعياله، وهو ممن يكتسب في سقي الماء في طَوْفِه؟ قال: آمر صاحب الحق أن يُوَكِّل غلامًا له يكون معه، ولا أمنعه عن طلب قدْرِ (٦) قوت يومه ولعياله، وكذلك إن كان يعمل في سوقه.

وفي الأقضية (٧): (إذا كان عمل الملزوم [سقي الماء] (٨) ونحوه ليس لصاحب الحق أن يمنعه من ذلك، ولكن إمَّا أن يَلزمه [أو يَلزمه] (٩) نائبه أو أجيره أو غلامه إلا إذا كفاه نفقته (١٠) ونفقة عياله، وأعطاه حينئذ كان له أن يمنعه عن ذلك؛ لأنه لا ضرر على الملزوم في هذه الصورة، وفيه أيضًا: ليس لصاحب الحق أن يمنع الملزوم أن يدخل في بيته لغائط أو غذاء إلا إذا أعطاه الغذاء وأَعدَّ موضعًا آخر له لأجل الغائط، حينئذ كان له أن يمنعه عن ذلك حتى لا يهرب) كذا في «الذخيرة» (١١).


(١) انظر: المحيط البرهاني (٨/ ٢٣٩)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٢٥)، البحر الرائق (٨/ ٩٥).
(٢) السِّكَّةُ: الزُّقَاقُ الْوَاسِعُ، وهي الطريق المستوي. انظر: المغرب مادة (س ك ك) (ص: ٢٣٠)، التعريفات الفقهية (ص: ١١٣).
(٣) انظر: البحر الرائق (٨/ ٩٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠١).
(٤) المِصْر: البَلَد. لسان العرب (٥/ ١٧٦).
(٥) هو: هشام بن عبيد الله الرازي، كان من كبار أئمة السنة، من أهل الرأي، تفقه على أبي يوسف ومحمد الحسن، مات محمد الحسن في منزله بالري ودفن في مقبرته، من تصانيفه (النوادر، صلاة الأثر) توفي ٢٢١ هـ. انظر: الجواهر المضية (٢/ ٢٠٥)، تاريخ الإسلام (٥/ ٧١٩)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٤٤٦).
(٦) في (أ) (فداء) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المحيط البرهاني (٨/ ٢٣٩).
(٧) انظر: المحيط البرهاني (٨/ ٢٤٠).
(٨) في (أ) (سعي المال) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المحيط البرهاني (٨/ ٢٤٠).
(٩) سقطت في (ع).
(١٠) في (أ) (بعضه) وما أثبت هو الصحيح. انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١٢٦).
(١١) المحيط البرهاني (٨/ ٢٤٠).