للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الزكاة في الخضروات]]

وفي مبسوطِ شيخِ الإسلام (١): قال أبو حنيفة -رحمه الله-: إنّ العاشَر لا يأخذُ مِن عينِ الخضُرواتِ إذا مرّ] عليه (٢) بها، وما لا يأخذ العاشُر منها قياسًا على سائر الأموال، وله أنَّ الأخَذَ يثَبُتُ نظرًا للفقراءِ، ولا نظَر هَاهُنا؛ لأنّ العاشَر في الأغلبِ] يكونُ (٣) نائبًا عن البلدِ، ولا يجدُ فقيرًا ليؤدي إليه فيحتاجُ أنْ يبعثَ بها إلى البلدةِ، ومتى بعثَ ربما يفسدُ قبلَ الوصولِ إلى الفقراءِ، فيؤدي إلى الضرر فلا يأخذُ، بلْ يؤديهِ بنفسهِ، فإنْ قيِل: ينبغي أنْ يأخذَ دراهَم أو دنانيرَ بدلًا عنها كما يأخذُ مِن قيمةِ الخمسِ عند تعذرِ أخذِ العين، قلنا: له ذلك إذا أعطاهُ، ولا كلامَ فيهِ، وأما إذا أبى، وقال: أَعطيكَ مِن النِّصابِ، فيقولُ: لا يُأخذُ مِن النصابِ بخِلافِ قيمة الخمرِ؛ لأنهُ تَعيّنَ أَخْذُ قيمةِ الخمرِ؛ لأنَّ الخمرَ غيرُ متقومٍ في حقِّ العاشرِ ولا كذلك هنا؛ لأنّ الخضرواتِ مالٌ متَقومٌ في حقِّ الكُلِّ فإنْ قِيل: ينبغي أن يُأخَذَ، ويُصرفَ المأخوذُ إلى عمالِته.

قلنا: عند أبي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لواحد ليصرف إلى عمالتِه كان له الأخذ، وإنما لا يأخذُ إذا أرادَ الصّرْفَ إلى الفقراءِ، ولِأَنَّ الأرضَ قد تُسْتَقَى بما لا يَبَقَى، بل الإستِنماءُ بالخُضَرِ فوق الإستِنماءِ بالحِنطةِ والشعيرِ/ لأِنَّ نفعَ هذه الأشياءِ أعظمُ، ألا ترى أنّ محمداً -رحمه الله- وَضَعَ الخراجَ على الكَرْمِ أكثرَ مما وضعَ على المزارع لما] قلنا (٤): إنّ نفَعه] أعظمُ (٥)، كذا ذكره فَخْرُ الْإِسْلَام -رحمه الله-.

والسببُ: هو الأرضَ الناميةُ -هذه الجملة جملة حالية- والعاملُ فيها يُسَتَنَمي معنى، والحالُ أنّ السببَ هوَ الأرضُ الناميةُ، وهي موجودةٌ، فلو لمْ يجبْ الْعُشْرِ فيما لا يبقىَ يلزمُ إخلاءُ السبب عن الحُكمِ في مَوْضِعٍ يحتاط في إثباتِ ذلك الحُكم، وهو لا يجوز فلهذا يجبُ فيه الخراجُ، أي: فيما لا يبقى مِن الخارجِ كالخضرواتِ، أو في الأرضِ الناميةِ بالخارجِ الذي لا يبقى على تأويل المكان، أمَّا قَصَبُ السُّكَرِ: ففيه الْعُشْرِ (٦).


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط للشيباني (٢/ ١٦١).
(٢) سقطت في (ب).
(٣) سقطت في (ب).
(٤) سقطت في (ب).
(٥) في (ب): (أبلغ).
(٦) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٥٧).