للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك إذا أقام المدَّعي البينة حيث تجب فيها الشفعة؛ لأن الثابت بالبينة كالثابت بالإقرار. كذا في «المبسوط» (١)؛ لأنه أخذها عوضًا، أي: لأن المدعي أخذ الدار المصالح عنها عوضًا عن حقه في زعمه، أي: عن حق المدعي في زعم المدعى إذا لم يكن من جنسه، أي: إذا لم يكن العوض من جنس حقه، وإنما قيد [به] (٢)؛ لأنه إذا كان من جنسه يكون آخذًا حقه، فلا يكون معاوضة فلا تجب الشفعة.

[الشفعة في الهبة]

(ولا شفعة في هبة لما ذكرنا)، وهو قوله قبل هذا في الباب: (بخلاف الهبة)؛ لأنه لا عوض فيها رأسًا، فإنه لما لم يجب في تمليك الدار التي لها عوض، ولكن ليس بمال؛ كالبضع في النكاح، والنفقة في الإجارة فلأن لا يجب في تمليك الدار التي لا عوض مقابلتها أصلاً أولى، وهذا عندنا (٣).

وقال ابن أبي ليلى (٤): «الموهوب يستحق بالشفعة إذا كان مما لا يقسم، ويأخذه الشفيع بقيمة نفسه إن لم يعوض الموهوب له الواهب، وإن عوَّضه فبقيمة العوض فإنه يقول: ثبوت حق الشفعة لحاجته إلى دفع ضرر التأذي بسوء مجاورة الجار الحادث، وذلك لا يختلف باختلاف سبب الملك فتجب له الشفعة متى تجدد الملك لجار (٥) حادث بأي سبب كان من هبة، أو صدقة، أو وصية إلا الميراث، فالملك لا يتحدد به، وإنما يبقي للوارث ما كان ثابتًا للمورث، ولكنا نقول: حق الشفعة إنما يثبت له إذا تمكن من الأخذ بمثل السبب الذي يملك به التملك، فأما إذا عجز عن ذلك فلا يثبت له حق الشفعة كالميراث، وفي الهبة لا تقدير (٦) على أن يأخذ بمثل ذلك السبب؛ لأن الموهوب له تملكه بطريق التبرع.

وإنما يأخذها [الشفيع] (٧) بطريق المعاوضة فيكون هذا إنشاء لسبب آخر، وبحق الشفعة لا يثبت هذه الولاية. كذا في «المبسوط» (٨) إلا أن يكون بعوض مشروط، أي: في العقد ولابد (٩) من القبض، وهذا عندنا خلافًا لزفر، فإنه إذا وهب لرجل دارًا على أن وهب له الآخر ألف درهم شرطًا فلا شفعة للشفيع ما لم يتقابضا بعد (١٠) التقابض يجب للشفيع فيها الشفعة (١١).


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٢٥٣.
(٢) زيادة من: (ع).
(٣) ينظر: البناية: ١١/ ٣٥٨.
(٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٠.
(٥) في (ع): «جار».
(٦) في (ع): «يقدر».
(٧) ساقطة من: (ع).
(٨) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٠.
(٩) في (ع): «لابد» بدون الواو.
(١٠) في (ع): «وبعد».
(١١) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤١، الدر المختار وحاشية ابن عابدين: ٦/ ٢٣٥.