للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم شراء أقل مما وُكِّل به]

(وَإِذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ (١) فَبَاعَ نِصْفَهُ، جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله-) (٢)، وإنما وضع المسألة فِي العبد ليرتب عليه هذا الاختلاف المذكور؛ لِأَنَّهُ إِذَا باع نصف ما وكل ببيعه وليس فِي تفريقه ضرر كالحنطة والشعير يجوز بالاتفاق؛ لِأَنَّهُ ذكر فِي الْإِيضَاحِ فِي بَابِ الوكالة بالبيع ولو باع الوكيل بعض ما أمر به فإن لم يكن فِي تبعيضه ضرر جاز فِي قولهم؛ لِأَنَّ البيع يتناول الجملة فكان متناولاً للأبعاض وليس فِي التفريق ضرر [كالحنطة] (٣).

(أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْكُلَّ بِثَمَنِ النِّصْفِ يَجُوزُ عِنْدَهُ؟ فَإِذَا بَاعَ النِّصْفَ بِهِ أَوْلَى) (٤).

فإن قيل: إنما يجوز بيع الكل بثمن النصف؛ لِأَنَّهُ لم يتضمن عيب الشركة وأمّا بيع النصف فيتضمن عيب الشركة فِي العبد فكان هذا مخالفة من الوكيل إلى شرٍ فلا ينفذ بيعه على الموكل.

قلنا: ضرر الشركة أهون وأقل من ضرر بيع الكل بنصف الثمن فلما جاز ذلك على قوله: فلأن يجوز هذا وهو (ضَرَرِ الشَّرِكَةِ) (٥) أولى.

(وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِراءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ) (٦) أي: بالاتفاق ثُمَّ اختلف أبو يُوسُف ومُحَمَّد فِي الوكيلِ بِشِرَاءِ عبد إِذَا اشترى نصفه قال: أبو يُوسُف -رحمه الله- إن أعتقه الآمر جاز وإن أعتقه الوكيل لم يجز وقال مُحَمَّد -رحمه الله-: إن أعتقه الوكيل جاز وإن أعتقه الموكل لم يجز وأبو يُوسُف -رحمه الله- يقول بأن العقد موقوف على إجازة الموكل ألا ترَى أنه لو أجاز صريحًا نفذ عليه، والإعتاق إجازة منه ينفذ عليه ولا ينفذ إعتاق الوكيل؛ لِأَنَّ الوكالة تناولت محلاً بعينه فلم يملك الوكيل شراءً لنفسه، ولم يتوقف على إجازته فلا ينفذ أي: إعتاقه، ومُحَمَّد -رحمه الله- يقول: بأنه قد خالف فيما أمره به وإنما التوقف عليه من حيث إن الخلاف يتوهم رفعه بأن يشتري الباقي فيرتفع الخلاف فقبل أن يشتري بقي مخالفاً فإِذَا أعتقه الآمر لم يجز كذا فِي الْإِيضَاحِ.

(وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ فِي الشِّرَاءِ تَتَحَقَّقُ التُّهْمَةُ عَلَى مَا مَرَّ) إشارة إلى قوله: (لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهِ مُتَحَقِّقِةٌ، فَلَعَلَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ) إلى آخره (٧).


(١) في (ب) و (ج) (عبده).
(٢) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٢)
(٣) [ساقط] من (ب) و (ج).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٦).
(٥) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٦) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٢).
(٧) (والوكيل بالشراء يجوز عقده بمثل القيمة وزيادة يتغابن الناس في مثلها ولا يجوز بما لا يتغابن الناس في مثله لأن التهمة فيه متحققة فلعله اشتراه لنفسه فإذا لم يوافقه ألحقه بغيره) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٦).