للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[على المسلم قيمة الخمر إذا أتلفها]]

(وإن كان) أي: الخمر على تأويل الشراب، و"إنْ" هذه للوصل أي: مع أنّ الخمر (من ذوات الأمثال) عند من يجعلها متقوّمة، يجب على المسلم قيمتها؛ لكونه مأمورًا به بالاجتناب منها، وفي تمليكها قربان منها، وقوله: (بخلاف ما إذا جرت) متعلق بقوله: (لأن المسلم ممنوع عن تمليكه) أي: (إذا جرت المبايعة) في الخمر (بين ذميين) أو وُجد استهلاك الخمر فيما بينهما يجب مثل الخمر لا قيمتها؛ وذكر في «المبسوط» (١): (ولو غصب نصراني (٢) من نصراني خمرًا فاستهلكها فعليه مثلها؛ لأنّ الخمر من ذوات الأمثال، والمصير إلى القيمة في ذوات الأمثال عند العجز عن أداء المثل، وذلك في حق المسلم دون النصراني؛ لأنه قادر على تمليك الخمر من غيره بعوض؛ ولهذا جاءت المبايعة في الخمر بينهم، وإن أسلم الطالب بعدما قضى له بمثلها، فلا شيء له على الْمُسْتَهْلِكِ؛ لأن الخمر في حق (٣) المسلم ليس بمال متقوّم، فكان بإسلامه مُبَرِّئًا للمستهلِك عمّا كان له في ذمته من الخمر، وكذلك لو أسلما؛ لأن في

[[إسلام الطالب والمطلوب]]

إسلامهما إسلام الطالب، ولو أسلم المطلوب وحده، أو أسلم المطلوب ثمّ الطالب فعلى قول أبي يوسف (٤) وهو روايته عن أبي حنيفة (٥) - رحمهما الله- فالجواب كذلك، أي: فلا شيء للطالب على المستهلِك من الضمان، وفي قول محمد (٦) وهو رواية عن أبي حنيفة - رحمهما الله- على المطلوب قيمة الخمر، فوجه قول محمد ظاهر، وهو أن الإسلام الطارئ بعد تقرّر سبب الضمان يُجعل كالمقترن بالسبب، ثم اقتران إسلام المطلوب بغصب الخمر واستهلاكها لا يمنع وجوب ضمان القيمة فكذلك الطارئ بخلاف إسلام الطالب؛ وذلك لأنّ خمر الذمي يجوز أن تكون مضمونة في يد المسلم، فكذلك يجوز (٧) أن تكون مضمونة في ذمة المسلم.


(١) للسرخسي (١١/ ١٠٣ - ١٠٥).
(٢) النصرانية: جمع نصارى، نسبة إلى نصران أو الناصرة، وهي قرية في الجليل من فلسطين بلد عيسى المسيح عليه السلام، وهي من دان بدين النصرانية، وهي الدين الذي انحرف عن الرسالة التي أُنزلت على عيسى- عليه الصلاة والسلام-، مكمِّلة لرسالة موسى- عليه الصلاة والسلام-، ومتممة لما جاء في التوراة. الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب (٢/ ٥٦٤)، معجم لغة الفقهاء (ص: ٤٨١).
(٣) سقطت في (أ).
(٤) انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢٣٥)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٢١٠).
(٥) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٦٧)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٦٧).
(٦) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٤٦)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٣٥)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٢١٠).
(٧) سقطت في (ع).