للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ فِي الجَوَارِحِ

[[سبب تقديم فصل الجوارح على فصل الرمي]]

قَدَّمَ فَصْلَ الجَوارِحِ عَلَى فَصْلِ الرَّمْيِ؛ لَمَّا أَنَّ آلَةَ الصَّيْدِ هُنَا حَيَوَانٌ، وَفِي الرَّمْيِ جَمَادٌ، ولِلْحَيَوَانِ فَضْلٌ عَلَى الجَمَادِ، فَتَقْدِيْمُ الفَاضِلِ عَلَى الْمَفْضُوْلِ مِنْ بَابِ الْمُنَاسَبَةِ (١).

أَوْ لِأَنَّ هَذِهِ الجَوَارِحَ مُتَّصِفَةٌ هُنَا بِالعِلْمِ، وَلَا خَفَاءَ لِأَحَدٍ فِي رُجْحَانِ [العَالِمِ] (٢) عَلَى الَّذِي لَاصَلَاحِيَّةَ لَهُ إِلَى التَّعَلُّمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٣) (٤).

[الصيد بالكلب والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلَّمَة]

قَوْلُهُ (٥) /: (وَلَا خَيْرَ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ) (٦) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا العُمُوْم فِي حَقِّ الذَّاتِ وَفِي حَقِّ الصِّفَةِ، أَمَّا فِي حَقِّ الذَّاتِ فَإِنَّ الاصْطِيَادَ إِنَّما يَجُوْزُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ الحَيَوَانَاتِ، وَهَوَ الكَلْبُ وَالفَهْدُ (٧) وَالبَازِيُّ (٨) وَسَائِرُ الجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ جُمْلَتِهَا الأَسَدُ (٩) وَالذِّئْبُ (١٠) وَالخِنْزِيْرُ، فَلا يَجُوْزُ الاصْطِيَادُ بِهَذِهِ الأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ عُمُوْمُ قَوْلِهِ: (وَسَائِرُ الْجَوَارِحِ المُعَلَّمَةِ) (١١) مُتَنَاوِلًا لَهَا.


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١١٣)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٠٨)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١١٣).
(٢) في (أ): (القَائِمِ).
(٣) سورة الزُّمَر الآية (٩).
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٠٨).
(٥) أَيْ: القُدُوْرِيُّ، في مختصره.
(٦) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٧).
(٧) الْفَهْد: مِن السِّبَاعِ، مِن فَصِيْلَةِ السَّنُّوْرِيَّات، يُصْطَادُ به، وفَهِدَ الرَّجُلُ: أَشْبَهَ الفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ. الصحاح للجوهري (٢/ ٥٢٠)، لسان العرب (٣/ ٣٣٩).
(٨) الْبَازِيّ: مُعَرَّبٌ، مِن جَوَارِحِ الطَّيْرِ يُصْادُ بِهِ، قِيْلَ: مِنْ البَزْو، وَهُوَ الغَلَبةُ والقَهْرُ، وَهُوَ عَلَى أَنْوَاع. يُنْظَر: لسان العرب (١٤/ ٧٣)، معجم لغة الفقهاء (١/ ١٠٢).
(٩) الْأَسَد: مِن السِّبَاعِ، مِن فَصِيْلَةِ السَّنُّوْرِيَّات، وَسُمِّيَ أَسَدَاً لِقُوَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ، مِن اسْتِأْسَدَ النَّبْتُ: إِذَا قَوِيَ. شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (١/ ٢٥٤)، النهاية لابن الأثير (١/ ٤٨).
(١٠) الذِّئْبُ: مِن السِّبَاعِ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، يُسَمِّيْهِ بَعْضُهُم: كَلْبَ البَرِّ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٢١٣)، لسان العرب (١/ ٣٧٧).
(١١) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٧).