للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رهن عبدين فقضى حصَّة أحدهما]

(فَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الرَّهْنِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الَّذِيْ رَهَنَهُ {بِهِ} (١): فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ) (٢)، يَعْنِيْ: لَوْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ/ بِأَلْفٍ، كُلُّ عَبْدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ، ثُمَّ قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَفِيْ جَوَابِ {"الْمَبْسُوْطِ" (٣): حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْأَوَّلِ، حَتَّى لَوْ قَضَى خَمْسَمِائَةٍ لَيْسَ لَهُ أنْ يأخُذَهُمَا هَاهُنَا أَيْضًا (٤)، (وَفِيْ} (٥) الزِّيَادَاتِ: لَهُ أَنْ) (٦) يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا عِنْدَ قَضَاءِ حِصَّتِهِ (٧).

(أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ الرَّهْنَ فِيْ أَحَدِهِمَا: جَازَ؟) (٨)، يَعْنِيْ: لَوْ قَالَ: رَهَنْتُكَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ، [فقَبِلَ] (٩) الْمُرْتَهِنُ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ: جَازَ الرَّهْنُ فِيْهِ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ تَفْرِيْقِ الْقَبُوْلِ فِيْ الْابْتِدْاءِ وَجَبَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الرَّاهِنُ مِنْ تَفْرِيْقِ الْقَبْضِ فِيْ الْانْتِهَاءِ (١٠).

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الصَّفْقَةُ تَتَفَرَّقُ فِيْ بَابِ الرَّهْنِ بِتَفَرُّقِ التَّسْمِيَةِ، فَكَأَنَّهُ رَهَنَ كُلَّ عَبْدٍ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَهُنَاكَ [بِتَفَرُّقِ] (١١) التَّسْمِيَةِ [لِا تَتَفَرَّقُ] (١٢) الصَّفْقَةُ، بِدَلِيْلِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ، فَقَبِلَ الْمُشْتَرِيْ الْعَقْدَ فِيْ أَحَدِهِمَا دُوْنَ الْآخَرَ لَمِ يَجُزْ، كَمَا فِيْ حَالَةِ الْإِجْمَالِ، هَذَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَقْدُ تَمْلِيْكٍ، وَالْهَلَاكُ قَبْلَ الْقَبْضِ [مُبْطِلٌ لِلْبَيْعِ] (١٣)، فَبَعْدَ مَا نَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِ بَعْضِ الْمَعْقُوْدِ عَلَيْهِ أَدَّى إِلَى تَفْرِيْقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ بِأَنْ يَهْلِكَ مَا بَقِيَ، فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيْهِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ، فَإِنَّ بِالْهَلَاكِ يَنْتَهِيْ حُكْمُ الرَّهْنِ لْحُصُوْلِ الْمَقْصُوْدِ بِهِ، كَمَا أَنَّ [بِالْافْتِكَاكِ يَنْتَهِيْ] (١٤) حُكْمُ الرَّهْنِ، فَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ [اسْتِرْدَادِ] (١٥) الْبَعْضِ عِنْدَ قَضَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ لَا يُؤَدِّيْ ذَلِكَ إِلَى تَفْرِيْقِ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيْهِ أَنْ يَهْلِكَ مَا بَقِيَ فَيَنْتَهِيْ حُكْمُ الرَّهْنِ فِيْهِ (١٦).


(١) سقطت من (أ).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧٤).
(٣) الْمَبْسُوط: الْمُراد به هُنَا كتاب "الأصل" لمحمد بن الحسن الشيباني/، وهو مطبوع، ومِنْ طبعاته طبعة دار ابن حزم ببيروت، في لبنان، سَنَة ١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م، بتحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن، في ١٢ مجلدًا. ويُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٣٢)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٩٨).
(٤) يُنْظَر: الأصل للشيباني (٣/ ١٥٦)، المبسوط للسرخسي (٢١/ ١١٠)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٩٨).
(٥) ما بين القوسين سقط من (أ).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧٤).
(٧) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١١٠)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ١٥٣)، الاختيار لتعليل المختار (٢/ ٦٨).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧٤).
(٩) في (ب): (وقَبِلَ).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٦٩)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ٧٨)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٦٩).
(١١) في (ب): (تَتَفَرَّقُ).
(١٢) في (ب): (بِتَفَرُّق).
(١٣) في (ب): (يُبْطِلُ الْبَيْعَ).
(١٤) في (ب): (بِالانْفِكَاكِ يَنْقَضِي).
(١٥) في (أ): (اسْتِرَادِّ).
(١٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١١٠)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٦٩)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٦٩).