للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الفرق إنما نشأ من أن الاستحفاظ صح في حق البالغ دون الصبي. والله أعلم بالصواب.

* * *

بابُ القسامة

لما كان يؤول أمر القتيل في بعض الأحوال إلى القسامة شرع في بيانها.

فمن محاسن القسامة خلاص من يُتهَم بالقتل عن القصاص (١) وصيانة دم المقتول عن الإهدار بإيجاب الدية وتعظيم أمر الدماء وخطرها بتكرار الأيمان وتعيين الخمسين من الأيمان إنما ثبت بالأحاديث المشهورة (٢)، فيحتاج هاهنا إلى بيان القسامة لغة وشرعًا وبيان سببها وركنها وشرطها وحكمها ودليل شرعيتها.

أما اللغة فالقسامة على بناء الغرامة والحمالة (٣) اسم وضع موضع الإقسام (٤)، ثم قيل للأيمان التي تقسم على أهل المحلَّة (٥) إذا وجد قتيل فيها.

وأما تفسيرها شرعًا فما روى [أبو يوسف] (٦) عن أبي حنيفة- رضي الله عنه -أنه قال [في القتيل] (٧):

يوجد في المحلة أو في دار رجل في المصر (٨) إن كان به جراحة أو أثر ضرب أو أثر خنق ولا يعلم مَنْ قَتَلَه يُقسِم خمسون رجلًا من أهل المحلة كل رجل منهم يقول: بالله ما قتلتُه وما علمت له قاتلًا.


(١) سبق ص ١٠٤.
(٢) الحديث المشهور عند المحدثين: هو ما رواه ثلاثة فأكثر ما لم يبلغ حد التواتر، وهو المستفيض عند جماعة من الأصوليين والفقهاء وبعض المحدثين، ويطلق أيضًا على: ما اشتهر على الألسنة مطلقًا ولو كان له إسناد واحد أو كان لا إسناد له؛ والشهرة على هذا النحو لا يلزم منها صحة الحديث أو ضعفه، وقد ألف فيها العلماء لحاجة الناس إليها، ومن المؤلفات:
- التذكرة في الأحاديث المشتهرة لبدر الدين الزركشي المتوفى سنة (٧٩٤) هـ.
- والدُّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي، لخص فيه تذكرة الزركشي، وزاد عليها كثيرًا. ينظر: المقاصد الحسنة -باب المؤلفات في الأحاديث المشتهرة ص (٢١).
(٣) الحمالة: تَحَمَّلَ الحَمَالَة أَي حَمَلَها؛ قال الأَصمعي: الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عَنِ الْقَوْمِ ونَحْو ذَلِكَ؛ والحمالة بفتح الحاء: ما يحمله من الغرم (كالدية ونحوها) عن الغير إصلاحا " لذات البين. ينظر: لسان العرب (١١/ ١٨٠)، معجم لغة الفقهاء (١٨٦).
(٤) في (ب): القسام؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) المحلة: بالتحريك وتشديد اللام جمعها جمعها محال ومحلات: منازل القوم وبيوتهم. ينظر: المعجم الوسيط (١/ ١٩٤).
(٦) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٨) المصر: وهي المدينة تذكر وتؤنث وجمعها أمصار. ينظر: لسان العرب (٥/ ١٧٦)، القاموس المحيط (١/ ٤٧٦).