للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أنه يحفظ مال نفسه بيد مثله فكذلك يحفظ مال غيره بيده فكانت يد الصبي كيَدِ الأب من هذا الوجه، ولو هلكت الوديعة في يد الأب لم يضمن فكذا إذا كان في يده حكم، هذا كله حاصل ما ذكره في وديعة الأسرار (١) والجامع الصغير (٢) للإمام المحبوبي.

ومن حجتهما أيضًا ما ذكره في وديعة المبسوط فقال: وحجتهما ما قال في الكتاب لأنه صبي وقد سلطه رب الوديعة على ماله حين دفعه إليه (٣).

وفي تفسير هذا التسليط نوعان من الكلام؛ أحدهما أنه تسليط باعتبار العادة لأن عادة الصبيان إتلاف المال لقلة نظرهم في عواقب الأمور، فهو لما مكنه من ذلك مع علمه بحالِهِ يصير كالإذن له في الإتلاف.

وبقوله [احفظ] (٤) لا يخرج من أن يكون إذنًا (٥) لأنه (٦) إنما خاطب بهذا من لا يحفظ فهو كمقدم الشعير بين يدي الحمار (٧) وقال لا تأكل.

بخلاف العبد والأمة [لأنه] (٨) ليس من عادة الصبيان قتلهما لأنهم يهابون القتل فلا يكون إيداعه تسليطًا على القتل.

وأما في الدابة فإنهم يركبون الدواب فثبت التسليط في الدابة بطريق العادة.

والأصح أن نقول: معنى التسليط تحويل يده في المال إليه فإن المالك باعتبار يده كان متمكنًا من استهلاكه، فإذا حول يده إليه صار ممكنًا له من استهلاكه بالغًا كان المودع أو صبيًا إلا أن بقوله احفظ قصَدَ أن يكون هذا التحويل مقصورًا على الحفظ دون غيره وهذا صحيح في حق البالغ باطل في حق الصبي؛ لأنه التزام بالقيد (٩) والصبي ليس من أهله فيبقى التسليط على الاستهلاك بتحويل اليد مطلقًا.

بخلاف العبد والأمة فإن المالك باعتبار يده ما كان متمكنًا من قبل الآدمي فتحويل اليد إليه لا يكون تسليطًا على قتله، فلما بقي التسليط مطلقًا في حق الصبي لم يضمن هو بالإتلاف، والدليل عليه أن الصبي لو ضيع الوديعة لم يضمن؛ بأن رأى إنسانًا يأخذها أو دل على أخذها والبالغ يضمن بمثله.


(١) ينظر: المبسوط (١١/ ١١٩).
(٢) ينظر: المبسوط (١١/ ١١٩).
(٣) ينظر: المبسوط (١١/ ١١٩).
(٤) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ب): آذنًا؛ وما أثبت من (أ) و (ج) قريب منه.
(٦) في (ج): له به؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٧) في (أ): الجمال؛ وما أثبت من (ب) و (ج) في معناه.
(٨) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٩) في (ج): بالعقد؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.