للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعض مشائخنا: في المسألة روايتان عن أبي حنيفة -رحمه الله- إلى هذا أشار في «الذَّخيرة» والمغني (١).

[تعريف الحُلة]

الحُلَّة: إزار ورداء وهو المختار، وقيل في ديارنا قميص وسراويل (٢).

(فَالتَّقْدِيْرُ بِالإِبِلِ عُرِفَ بِالآثَارِ (٣)، هذا جواب شبهة ترد على قوله: (وَهَذِهِ الأَشْيَاءُ مجهول (٤) المَالِيَّةِ (٥) وَلِهَذَا لَا يُقَدَّرُ بِهَا ضَمَانٌ (٦) بأن يقال: ينتقض ما ذكرته هذا بتقدير ضمان الدية بالإبل مع أنَّها مجهولة الماليَّة؛ لأنَّها من ذوات القيم فقال في جوابها: أنَّ ذلك ثبت (بِالآثَارِ المَشْهُورَةِ (٧) لقوله (٨) -عليه السلام-: «في نفس المؤمن مائة من الإبل» (٩).

وقوله: «ألا إنَّ قتيل خطأ العمد قتيل السَّوط والعصا وفيه مائة من الإبل» (١٠) وقول ابن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ النَّبي -عليه السلام- «قضى في قتيل قتل خطأ أخماساً» (١١).

(وَذُكِرَ فِي المُعَاقِلِ (١٢) أي: في كتاب معاقل «المبسوط» أورد هذا على طريق الشبهة على قول أبي حنيفة - رحمه الله - حيث قال في كتاب المعاقل: أنَّه لو صالح الولي من الدية على أكثر من ألفي شاة أو على أكثر من مائتي بقرة أو على أكثر من مائتي حلة لا يجوز الصلح ولم يذكر الخلاف فيه فكان هذا دليلاً على أنَّ هذه الأصناف الثَّلاثة من الأصول المقدَّرة في الدية عنده أيضاً، كما هي عندهما كذلك؛ لأنَّه لو لم تكن هذه الأصناف أصولاً في الدية لجاز الصلح على أكثر من مائتي حُلَّة، كما صار الصلح على أكثر من مائتي فرس على ما ذكرنا من رواية «الذَّخيرة»، فعلم بهذا أنَّ قوله: (وَلا تَثْبُتُ الدِّيَةُ إِلا مِن هَذِهِ الأَنْوَاعِ الثَّلاثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (١٣) لا يصحُّ على رواية كتاب المعاقل (١٤).


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ١٣٩)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٥٢، ٢٥٣)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٦٨)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٥٧٤).
(٢) يُنْظَر: تهذيب اللغة (٣/ ٢٨٣)، طلبة الطلبة (٣٣٠).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٨).
(٤) كذا في (أ) و (ب)، والصواب (مَجْهُولَةُ) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية. يُنْظَر: (٤/ ١٧٨).
(٥) وفي (ب) (المطالبة).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٨).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٨).
(٨) وفي (ب) (كقوله).
(٩) سبق تخريجه (ص ٣٦١).
(١٠) سبق تخريجه (ص ٢١٧).
(١١) سبق تخريجه (ص ٣٦٣).
(١٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٨).
(١٣) بداية المبتدي (٢٤٤)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (٢٨٦).
(١٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ١٣٩).