للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (لأَنَّ الرَّبْطَ مِن القِيَادَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّسْبِيْبِ مِن المُبَاشَرَةِ) وجواب (١) لقوله: (وَإِنَّمَا لا يَجِبُ الضَّمَانُ (٢) يعني: أنَّ القيادة بمنزلة المباشرة حكماً، والرَّبط بمنزلة التَّسبيب، فلا شك أنَّ المباشرة أقوى في (٣) إضافة الحكم [إليها] (٤) دون التَّسبيب؛ لما عرف في الحافر مع الدَّافع ولما كان القائد بمنزلة المباشرة وجب الضَّمان على عاقلته (٥) ابتداء دون عاقلة الرَّابط لذلك ثم رجعوا به عليهم، فكانت قوة المباشرة ههنا في حقِّ التَّقديم (٦) لا في حق قرار الضَّمان؛ لأنَّ القائد مغرور من جانب الرباط (٧) بسبب جهله بربطه مع أنَّ له حكم المباشرة لا حقيقتها فلذلك قدم القائد في وجوب الضَّمان على عاقلته لا في قراره حيث عملت المباشرة في التَّقديم والغرور في نفي القرار (٨).

[[إذا ربط والقطار يسير]]

(قَالُوا: [هَذَا إِذَا رَبَطَ وَالقِطَارُ يَسِيْرُ (٩) يعني: أنَّ عاقلة القائد يرجعون على عاقلة الرَّابط إذا لم يعلم] (١٠) القائد بربطه فيما إذا كان (١١) القطار يسير ولو كان الرَّابط (١٢) حالة الوقوف لا يرجعون مع أنَّ لفظ «الجامع الصَّغير» مطلق غير متعرض (١٣) للسير ولا للوقوف (١٤).

وقال الإمام المحبوبي: قال الإمام الزَّاهد أبو محمَّد عبد الرَّحمن (١٥)، وشمس الأئمة الحلواني: وهذا إذا ربط الجمل والإبل تسير، فإن ربط (١٦) والإبل واقفة ثم قاد (١٧) القائد الإبل لا شيء على الرَّابط؛ لأنَّ ربطه الجمل بالقطار جناية وأنها واقفة في الطَّريق وحين سار بها القائد فقد زالت هذه الجناية بقود القائد فيبرأ عن موجبها، كمن وضع حجراً على قارعة الطَّريق ثم جاء إنسان وحول الحجر من ذلك الموضع إلى موضع آخر لم يكن (١٨) على الواضع الأوَّل شيء إن تعقَّل به إنسان؛ لأنَّ وضعه الحجر جناية لكن لما حَوَّله غيره من مكانه زالت جنايته بفعل الواضع الثَّاني فيبرأ الأوَّل كذا هنا (١٩).


(١) وفي (ب) (جواب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠٠).
(٣) وفي (ب) (من).
(٤) سقط في (ب).
(٥) وفي (ب) (ماقلته).
(٦) وفي (ب) (التقدم).
(٧) وفي (ب) (الرابط)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٨) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٦٥).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ٢٠١).
(١٠) سقط في (ب).
(١١) وفي (ب) (كانت).
(١٢) وفي (ب) (الربط).
(١٣) وفي (ب) (معرض).
(١٤) ولفظ الجامع الصغير: وإن ربط إنسان بعيرا بالقطار فوطئ المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد الدية وترجع بها على عاقلة الرابط. يُنْظَر: الجامع الصغير (١/ ٥١٧)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٧٨).
(١٥) ولم يظهر لي من المقصود به.
(١٦) وفي (ب) (ربطه).
(١٧) وفي (ب) (قال)
(١٨) وفي (ب) (وحول عن ذلك الحجر لم يكن).
(١٩) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٨١)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٦٦).