للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المحيط» (١) في تعليله؛ لأنه لما جاز له الافتتاح على الدابة بالإيماء مع القدرة على النزول فالبناء أولى.

قوله: وَكَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا نَزَلَ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَةً، يعني: يستقبل، وأما إذا لم يصل ركعة بالإيماء، ثم نزل أتمها نازلًا، لكن هذه الرواية على أصل محمد غير مستقيم؛ لأن تحريمة الصلاة انعقدت (٢) بالإيماء، فلا يصح إتمامها بركوع وسجود؛ لأنه يكون بناء القوي (٣) على الضعيف كذا نقل عن صدر الإسلام، ووجهه مع أنه مخالف لظاهر الرواية عنه أنه لم يتم ركعة كان مجرد تحريمة، وهي شرط عندنا، والشرط (٤) المنعقد للضعيف كان شرطًا للقوي كالطهارة للنافلة يكون طهارة للمكتوبة، فيصح أما إذا صلى ركعة، فقد تأكد فعل (٥) الضعيف، فلا يبني عليه القوي كما في الاقتداء، والأصح: هو الظاهر وهو أن الراكب إذا نزل لا يستقبل، وفي عكسه يستقبل ووجهه ما هو المذكور في الكتاب، وهو ما ذكرناه (٦)، والله أعلم (٧).

[فصل في قيام شهر رمضان]

لما ذكر باب النوافل اتبعه بفصلي القراءة والتراويح لزيادة تعلقهما واختصاصهما به أما القراءة فإنها واجبة في جميع ركعات النفل، وأما التراويح فإنها نوافل إلا أنها اختصت بخصائص ليست هي مطلق النوافل من الجماعة، وتقدير الركعات وسنة الختم (٨)، (٩).

قوله: فَيُصَلِّيَ بِهِمْ إمَامُهُمْ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ، والترويحة هاهنا اسم لكل أربع، فكانت جملتها عشرين ركعة، وهذا عندنا، وعند الشافعي (١٠)، وأما عند مالك فإنها مقدرة بستٍّ وثلاثين ركعة (١١) اتباعًا لعمر وعلي رض، وما قلناه هو المشهور من الصحابة والتابعين، وما روى مالك غير مشهور أو هو محمول على أنها كانا يصليان بين كل ترويحة أربع ركعات فُرادى فُرَادى كما هو مذهب أهل المدينة فإن قاموا بما قال مالك رحمه الله بالجماعة، فعند الشافعي لا بأس به، وعندنا يكره بناء على أن التنفل بالجماعة بما شاءوا وأنكره عندنا خلافًا للشافعي رحمه الله، وأما لو أتوا بما زاد على العشرين إلى تمام ست وثلاثين فرادى فلا بأس به، وهو مستحب. كذا في «المحيط» (١٢).


(١) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٣٩.
(٢) - في ب انعقد بدل من النعقدت
(٣) - في ب على القوي زيادة في ب
(٤) - في ب فالشرط بدل من والشرط
(٥) - في ب زيادة (الصلاة)
(٦) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٦٦، وتبيين الحقائق: ١/ ١٧٨.
(٧) - ساقط من ب (والله اعلم)
(٨) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٦٦، وتبيين الحقائق: ١/ ١٧٨.
(٩) في الأصل على الهامش الايسر زيادة: أعلم أن نفس التراويح لسنة أما أداؤها بالجماعة مستحب، فلذلك قال: ويستحب أن يجتمع الناس وأصل ما روي عن النبي عليه السلام أنه خرج في ليلة من ليالي رمضان وصلى عشرين ركعة، فلما كانت الثانية اجتمع الناس، فخرج وصلى بهم عشرين ركعة، فلما كانت الثالثة لم يخرج، فقال: «عرفت اجتماكم وخشيت أن تكتب عليكم» وكان يصلونها.
(١٠) ينظر: الأم للشافعي ١/ ١٦٧، الحاوي الكبير ٢/ ٢٩١.
(١١) ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة ١/ ٢٥٦، بداية المجتهد ١/ ٢١٩.
(١٢) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٨١.