للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي (١) فتاوى قاضي خان (٢): ثم التراويح جمع ترويحة، وأصلها المصدر، وعن أبي سعيد: سميت الترويحة لاستراحة القوم بعد كل أربع ركعات يقال: روحت بالناس أي: صليت بهم التراويح. كذا في «المغرب» (٣).

والأصح: أنها سنة التراويح سنة هو الصحيح من المذهب، وهكذا روى الحسن، عن أبي حنيفة رحمه الله نصًّا، والدليل على أنها سنة قوله عليه السلام: «أن الله تعالى فرض عليكم صيامه وسننت لكم قيامه» (٤)، وواظب عليها الخلفاء الراشدين (٥)، وقال عليه السلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» (٦). والمستحب في الجلوس بين التراويح مقدار الترويحتين كان من حقه أن يقول:/ والمستحب في الانتظار بين الترويحتين؛ لأنه استدل بعادة أهل الحرمين على ذلك، وأهل الحرمين لا يجلسون، فإن أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين أسبوعًا، وأهل المدينة يصلون بدل ذلك أربع ركعات، وأهل كل بلدة بالخيار ويسبحون أو يهللون أو ينتظرون سكوتًا، وإنما يستحب الانتظار بين كل ترويحتين؛ لأن الترويحة مأخوذ من الراحة، فيفعل ما قلنا تحقيقًا للاسم. كذا في فتاوى قاضي خان (٧)، و «المحيط» (٨).

قوله: ثُمَّ يُوتِرُ بِهِمْ يُشِيرُ إلَى أَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ اختلف المشايخ في وقتها، حكى عن الشيخ الإمام إسماعيل (٩) المستمل (١٠)، وجماعة من متأخري مشايخ بلخ (١١) رحمهم الله أن جميع الليل إلى طلوع الفجر، قبل العشاء وبعده وقتها؛ لأنها سميت قيام الليل فكان وقتها الليل، وقال عامة مشايخ بُخارى (١٢) رحمهم الله: وقتها ما بين العشاء والوتر، فإن صلاها قبل العشاء أو بعد الوتر لم يؤدها في وقتها؛ لأن التراويح عرفت بفعل الصحابة، فكان وقتها ما صلوا فيه، وهم صلَّوا بعد العشاء قبل الوتر (١٣).


(١) - ساقط من (في)
(٢) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٦٦.
(٣) / ٣٥٢.
(٤) أخرجه البزار في مسنده (١٠٤٨ - ١/ ١٨٩). وقال الألباني: ضعيف، ينظر: ضعيف الجامع الصغير وزيادته (٣٤١٢ - ١/ ٤٩٩).
(٥) - ساقط من ب [«أن الله تعالى فرض عليكم صيامه وسننت لكم قيامه»، وواظب عليها الخلفاء الراشدين].
(٦) أخرجه أبو داود في سننه، باب في لزوم السنة (٤/ ٢٠٠) برقم (٤٦٠٧)، والترمذي في سننه، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (٥/ ٤٤) برقم (٢٦٧٦) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه في سننه، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (١/ ١٥) برقم (٤٢)، وأحمد في مسنده (٢٨/ ٣٦٧) برقم (١٧١٤٢)، وأيضاً (٢٨/ ٣٧٣) برقم (١٧١٤٤)
(٧) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٦٦، ومراقي الفلاح: ص ١٥٧.
(٨) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٨٠.
(٩) هو: إسماعيل بن محمد بن عبد الله المستملي. صوفي. من آثاره: شرح التعرف لمذهب التصوف.
(معجم المؤلفين: ٢/ ٢٩٢).
(١٠) -ساقط من ب (المستمل)
(١١) بلخ: مدينة مشهورة بخراسان في كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس بلخ طولها مائه وخمس عشرة درجه وعرضها سبع وثلاثون درجة وهي في الإقليم الخامس طالعها إحدى وعشرون درجة من العقرب تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من السرطان. (معجم البلدان: ١/ ٤٧٩).
(١٢) بخارى: بالضم من أعظم مدن ما وراء النهر، وأجلها يعبر إليها من آمل الشط وبينها وبين جيحون يومان من هذا الوجه، وكانت قاعدة ملك السامانية. وهي مدينة قديمة نزهة كثيرة البساتين واسعة الفواكه جيدتها عهدي بفواكهها تحمل إلى مرو وبينهما اثنتا عشرة مرحلة، وإلى خوارزم وبينهما أكثر من خمسة عشر يومًا، وبينها وبين سمرقند سبعة أيام أو سبعة وثلاثون فرسخًا بينهما بلاد الصغد. (معجم البلدان: ١/ ٣٥٣).
(١٣) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٨٤، والجوهرة النيرة: ١/ ٩٩.