للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: هذا الذي ذَكَر يَصّلحُ حُجةً في العنبر لا في اللؤلؤ، ولم يَذّكَر في الْكِتَابِ حُجتَهُ في اللؤلؤ وذَكَرَ في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة ": أنّ السؤالَ عن عُمر كان عنهما جميعًا، فإنُه سُئِلَ عن العنبرِ واللؤلؤِ يُستَخَرجانِ منِ البحر، قال: «فيهما الخمس» (١).

[[ما أستخرج من البحر]]

والأَولى في الاحتجاج على قوله: ما ذَكَرَهُ في "المَبْسُوط" (٢) من دليلِ المعقولِ، فإنه يَعُمُّ الكُلَّ فقال: ولِأَنَّ نَفيِسَ ما يُوجد في البحرِ يُعتبرُ بِنَفِيسِ ما يُوجدُ في البرِ، وهو الذَّهبُ والفضة؛ لأَنّ الدنُيا بَرّ وبحر؛ وليس هذا كالسَّمكِ؛ فإنُه صيد ولا خمسُ في صُيودِ البَرّ فكذلك في صُيود البحرِ وأبو حنيفة ومُحَمَّد رحمهما الله استدلا بما رُوِيَ عن ابن عباسٍ أنّهُ قال في العنبر: «أنه شيءُ دُسَرَهُ البحرُ فلا شيءَ فيهِ» (٣)، وحديث عمُر محمولٌ على الجيشِ دخلوا أرضَ الحربِ فيصيبون] العنبر (٤) في الساحل وعندنا (٥) في هذا الخمس؛ لأنّهُ غنيمةُ، ثُمَّ وجوبُ الخُمس] فيما يُوجد (٦) في البِّر كان لمعنى لا يوجد ذلك المعنى في الموجود في البحر وهو أنهُ كان في يِد أهلِ الحربِ ووقع في أيدي المسلمين بإيجاف الخيل والركاب وما في البحرِ ليس في يدِ أحدٍ قُطً؛ لأنَّ قهر الماءِ يمنع قهرَ غيرِه، ولهذا قال مشايخنا: لو وَجَدَ الذَّهَبَ والْفِضَّة في قُعْرِ البحرِ لم يجب فيه شيء، كذا في "المَبْسُوط" (٧) (فيما دَسَرَهُ البحر) (٨)، أي: دفعه، وقذفه من باب طلب، وبه يقول، أيْ: وبوجوب الخمس في العنبر الذي دَسَرَهُ البحر، فلم تبقَ حُجة ًلأبي يُوسُف في حديث عمر] حينئذ (٩).


(١) الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٤٠).
(٢) يُنْظَر: (٢/ ٣٨٤).
(٣) رَوَاهُ ابن أبي شيبة في مصنفه (١٠١٥٣ - ٣/ ١٤٢)، وعبدالرزاق في مصنفه (٦٩٧٧ - ٤/ ٦٥)، والْبَيْهَقِي في سننه الكبرى (٧٨٤٣ - ٤/ ١٤٦). وقد أخرجه الْبُخَارِيُ تعليقا في الزكاة - باب ما يستخرج من البحر. وقال الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣٦٢): وهذا التعليق وصله الشَّافِعِي.
(٤) سقطت في (ب).
(٥) يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٢٩١).
(٦) سقطت في (ب).
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٢/ ٣٨٤، ٢٨٥).
(٨) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٩).
(٩) في (أ) (ح) وهي اختصار (حينئذ) كما في (ب).