للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذاع أمر الإمام السِّغْنَاقِي رحمه الله في عواصم الشرق، فأخذ الناس يتطلعون إلى لقائه ويكتبون إليه، فدخل بغداد، واجتمع بعلمائها، وانتفع بعلمه طلابها (١)، ثم توجه إلى دمشق (٢)، فدخلها سنة عشر وسبعمائة هجرية (٣).

ثم قدم حلب واجتمع فيها بقاضي القضاة ناصر الدين محمد ابن القاضي كمال الدين (٤)، وكتب له نسخة من شرحه على "الهداية"؛ أولها وآخرها بخط يده، وأجاز له روايتها، وكان ذلك في غرة شهر رجب من سنة ٧١٤ هـ (٥).

المطلب الثالث

شيوخه وتلاميذه

من المعلوم أن لكل عالم شيوخًا تلقى عنهم العلم، يلازمهم فترة من حياته، ويستفيد من فهمهم، ويستزيد من علمهم، فالسِّغْنَاقِي رحمه الله تفقه على عدد من العلماء ذكرهم رحمه الله في خاتمة كتابه الوافي وأثنى عليهم وهم كما ذكرهم:

١ - الإمام حافظ الدين الكبير محمد بن محمد بن نصر البخاري (٦٩٣ هـ) (٦)، أثنى عليه بقوله: "فإني لما ظفرت بخدمة الإمام العالم، الحجّاج الرباني، البارع الورع الصمداني، أستاذ العلماء، بقية الكبراء، المتفرد بإحياء سير السلف، المتوحد على وجه الغبراء، بأنه خير الخلف، مولانا حافظ الدين البخاري، شكر الله مساعيه، وزاد معاليه، قفوت أثره أينما انبعث، والتقطت فوائده كلما نفث، وهو أيضاً أكرم مثواي ومكنني في الخلد، ورباني تربية الوالد للولد … " (٧).

٢ - ومن شيوخه أيضاً: فخر الدين محمد بن محمد بن إلياس المايمرغي (٨)، قال عنه الإمام السِّغْنَاقِي -رحمه الله-: " الإمام الزاهد البارع الورع، المقدم في حلبة سباق التدقيق، ومضمار التحقيق، وهو العين الفوارة في الأحكام الشرعية، والينبوع المعين في الأصول الملية، وهو الذي شد عضدي وآزر أزري، وقوى ظهري، وهو الأوحدي في درك دقائق فخر الإسلام ونشر مصنفاته فيما بين الأنام، والمخصوص بمصاحبة صاحب المختصر، وروايته وتبليغ فقهه وروايته .... " (٩).


(١) انظر: الجواهر المضية (٢/ ١١٤ - ١١٦).
(٢) دمشق: هي دمشق الشام، جنة الأرض، وهي عاصمة الجمهورية العربية السورية حالياً. انظر: معجم البلدان (٢/ ٥٢٧).
(٣) انظر: الجواهر المضية: (٢/ ١١٤، ١١٦)، الفتح المبين: (٢/ ١١٢)، مفتاح السعادة: (٢/ ٢٦٦).
(٤) هو محمد بن عمر بن عبدالعزيز بن محمد بن أحمد بن هبة الله بن محمد قاضي القضاة ناصر الدين أبو عبدالله، اجتمع به السِّغْنَاقِي بحلب، وأجاز له في سنة ٧١١ هـ، وتولى القضاء بحلب أكثر من إحدى وثلاثين سنة، ولد سنة ٦٨٩ هـ، وتوفي سنة ٧٥٢ هـ. انظر: الجواهر المضية (٣/ ٢٨٥ - ٢٨٦).
(٥) انظر: الطبقات السنية: ٣/ ١٥٠، ١٥٢ الجواهر المضية: (٢/ ١١٤، ١١٦).
(٦) انظر: طبقات الحنفية (١/ ٢٣١)، الجواهر المضية (٣/ ٣٣٧).
(٧) انظر: الوافي (ص ١٧١٤).
(٨) انظر: الفوائد البهية (ص ٦٢)، مفتاح السعادة (٢/ ٢٦٦)، الجواهر المضية (٢/ ١١٤ - ١١٦).
(٩) انظر: الوافي (ص ١٧١٤ - ١٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>