للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[من الأصول عند أبي حنيفة]]

(والعام المتفق على قبوله والعمل به أولى عنده من الخاص المختلف في قبوله والعمل به (١) (٢) ولهذا رجّح قوله -عليه السلام-: «مَا أَخْرَجَت الْأَرْضُ فَفِيْهِ الْعُشْرُ» (٣) على قوله -عليه السلام-: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» (٤) وعلى قوله: «لَيْسَ فِي الْخَضْرَوَاتِ» (٥).


(١) مِنْ الأُصُول عند أبي حنيفة/: العامُّ المتَّفَق على قبوله والعمل به يُرجَّح على الخاصِّ المختَلَف في قبوله والعمل به، قال أبو محمد العيني في كتابه "البناية": «والعام المتفق على قبوله) ش: وهو قوله: «مَنْ حَفَرَ بِئْرَاً فَلَهُ مِمَّا حَوْلَهَا أَرْبَعُوْنَ ذِرَاعَاً عَطَنًا لِمَاشِيَتِه»، وعمومه مستفاد من كلمة: «مَنْ» لأنها تفيد العموم، وكونه متفقا على قبوله؛ لأن له موجبين: أحدهما: أن يكون الحريم أربعون ذراعا، والثاني: أن لا يكون زائداً عليه، لأنه ذكر بكلمة «مِن» وهي للتبعيض، والتبيين ممتنع عليه الزيادة، وهي قد عملا بأحد الموجبين، وإن لم يعملا بالموجب الآخر وهو ممتنع الزيادة، وفي الستين يكون أربعون وزيادة، وهذا كما اعتبر في باب العُشْر قوله -صلى الله عليه وسلم-: «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيْهِ الْعُشْر» للاتفاق على قبوله، وترك العمل بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ فِيْمَا دُوْنَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» للاختلاف في قبوله، م: (والعمل به) ش: أي بالعام المتفق على قبوله، م: (أولى عنده) ش: أي عند أبي حنيفة/، م: (من الخاص المختلف في قبوله والعمل به) ش: أراد بالخاص حديث الزهري، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: «حَرِيْمُ الْعَيْن … » إلى آخره). يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٩٨)، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (١/ ٢٩٢)، فتح القدير لابن الهمام (١٠/ ٧٥).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٦).
(٣) قال الزيلعي في "نصب الراية": غريب بهذا اللفظ، وبمعناه ما أخرجه البخاري عن الزهري عن سالم عن ابن عمر … إلخ. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (٢/ ٣٨٤).
- فقد أخرج البخاري في "صحيحه" (٢/ ١٢٦) كتاب (الزكاة) باب (العشر فيما يسقى من ماء السماء … ) برقم (١٤٨٣) بِسَنَدِهِ: عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ».
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٢/ ١١٦) كتاب (الزكاة) باب (زكاة الورِق) برقم (١٤٤٧) بِسَنَدِهِ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ».
- وأخرجه مسلم في "صحيحه" (٢/ ٦٧٣) برقم (٩٧٩).
(٥) أخرجه الترمذي في "سننه" (٣/ ٢١) باب (ما جاء في زكاة الخضروات) برقم (٦٣٨) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْأَلُهُ عَنِ الخَضْرَوَاتِ وَهِيَ البُقُولُ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ»، قال الترمذي: إسناد هذا الحديث ليس بصحيح، وليس يصح في هذا الباب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء، وإنما يُروى هذا عن موسى بن طلحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مُرْسَلاً، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أن ليس في الخضروات صدقة.