للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأصحّ: أنّ المراد أربعون ذراعًا (من كلّ جانب) (١)، فإنّ المقصود دفع الضّرر عن صاحب البئر الأوّل؛ لكي لا يحفر أحد في حريمه بئراً أخرى فيتحوّل إليها ماء بئره، وهذا الضّرر لا يندفع بعشرة أذرع من كلّ جانب، فإنّ الأراضي تختلف في الصّلابة والرّخاوة، وفي مقدار أربعين ذراعاً من كلّ جانب يُتَيَقَّنُ بدفع هذا الضّرر، كذا في "المبسوط" (٢).

(وله: ما رويناه من غير فصل) (٣) أي: بين بئر العطن وبئر الناضح، وهو قوله -عليه السلام-: «مَنْ حَفَرَ بِئْرَاً فَلَهُ [مِمَّا] (٤) حَوْلَهَا أَرْبَعُوْنَ ذِرَاعَاً عَطَنًا لِمَاشِيَتِه» (٥).

فإن قيل: لَمَّا قَيَّد في ذلك الحديث أربعين ذراعاً بالعَطَن بقوله -عليه السلام-: «عَطَنًا لِمَاشِيَتِه»؛ فكيف [تكون] (٦) رواية ذلك الحديث من غير فَصْل بين العَطَن والنَّاضِح؟

قلنا: ذكر ذلك اللّفظ للتّغليب لا [للتقييد] (٧)، فإنّ الغالب في [انتفاع] (٨) الآبار في الفلوات (٩) هذا الطّريق، فيكون {ذِكْرُ العَطَن} (١٠) ذكراً لجميع الانتفاعات؛ كما في قوله تعالى: {وَذَرُواْ الْبَيْعَ} (١١) قيد بالبيع لَمَّا أن الغالب في ذلك اليوم البيع، و [كذلك] (١٢) قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} (١٣) الآية، والوعيد ليس بمخصوص بالأكل ولكن الغالب من أمره الأكل فأخرجه على ما عليه الغالب (١٤).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٥).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢٣/ ١٦٢)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٧٣ - ٧٤)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٦).
(٤) في (ب): (مَا).
(٥) سبق تخريجه (ص ٢٧٩).
(٦) في (أ): (يكون).
(٧) في (أ): (للتقليد).
(٨) في (أ): (ابتغاء).
(٩) الفَلَوَات: جَمْعُ فَلَاة، وَهِيَ الْمَفَازَةُ مِنَ الْأَرْضِ، وَقِيْلَ: الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ الْمُقْفِرَةُ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص ٢٤٣)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٤٨١)، معجم لغة الفقهاء (١/ ٣٤٩).
(١٠) سقطت من (ب).
(١١) سورة الجمعة الآية (٩).
(١٢) في (ب) (كذا).
(١٣) سورة النساء الآية (١٠).
(١٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٣٦)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٧٤)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٩٧ - ٢٩٨).