للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تعيين صاحب الدين]]

والثالثة: أنه يُعيِّن صاحبَ الدين الذي وقع الحجر لأجله باسمه، فيقول: حَجَرت عليه بسبب الدَّين الذي لفلانِ بن فلان عليه؛ لأن الحجر يرتفع (١) بإبراء ربِّ الدين المحجور بوصول الدين إليه، فيحتاج إلى معرفته.

ومسائل الحجر كلها على قولهما خلافًا لأبي حنيفة (٢) -رحمهم الله-)، وقد ذكرناه هذا كله مما أشار إليه في «الذخيرة» (٣) (٤).

(ثم إن الحجر بسبب الدين على قولهما في موضعين:

[[حكم الحجر على المديون]]

أحدهما: أن من ركِبتْه الدُّيون إذا خِيف أن يُلجِئَ ماله بطريق الإقرار (٥) بطلب الغرماء من القاضي أن يحجر عليه، عند أبي حنيفة- رحمه الله- (٦): (لا يحجر عليه القاضي)، وعندهما (٧): (يحجر عليه، وبعد الحجر لا ينفذ تصرُّفه في المال الذي كان في يده عند الحجر، وتنفذ تصرفاته فيما يكتسب من المال بعده، وفي هذا الحجر نظر للمسلمين)؛ فإذا جاز الحجر عليه عندهما بطريق النظر (٨) فكذلك الحجر عليه لأجل النظر للمسلمين.

وعند أبي حنيفة (٩): كما لا يُحجر على المديون نظرًا له؛ فكذلك لا يحجر عليه نظرًا للغرماء؛ لِمَا في الحيلولة بينه وبين التصرف في ماله من الضرر عليه، وإنما يجوز النظر لغرمائه بطريقٍ لا يكون فيه إلحاق الضرر إلا بقدر ما ورد الشرع به، وهو الحبس في الدين لأجل ظُلمه الذي تحقق بالامتناع من قضاء الدين مع تمكُّنه منه، وخوف التَّلجِئة خوف موهوم منه، فلا يُجعل كالمتحقق، ثم الضرر عليه في إهدار قوله فوق الضرر في حبسه، ولا يُستدلُّ بثبوت الأدنى على ثبوت الأعلى (١٠).


(١) في (أ) (يقع) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٢٧١).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦٩).
(٣) ذخيرة الفتاوى، المشهورة بالذخيرة البرهانيَّة؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري المتوفى سنة ستمائة وست عشرة من الهجرة، والذخيرة البرهانيَّة مختصرة من كتابه المحيط البرهاني؛ لابن مازة، وهذه الفتاوى لها نسخ متعددة منها نسخة مصورة بمكتبة المخطوطات بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، تحت الرقم (٣٨٦٧ ف)، عن مكتبة تشتربيتي بدبلن بإيرلندا.
(٤) انظر: مخطوط الذخيرة (٤/ ١٢٦/ ب) المحيط البرهاني (٢/ ٣٤٧).
(٥) الإِقرارُ لُغَةً: الإِذعانُ لِلْحَقِّ والاعترافُ بِهِ. مختار الصحاح مادة (ق ر ر) (ص: ٢٥١)، لسان العرب (٥/ ٨٨). وشرعًا: اعْتِرَافٌ صَادِرٌ مِنَ الْمُقِرِّ يَظْهَرُ بِهِ حَقٌّ ثَابِتٌ فَيَسْكُنُ قَلْبَ الْمُقَرِّ لَهُ إِلَى ذَلِكَ. الاختيار (٢/ ١٢٧) أنيس الفقهاء (ص: ٩١)
(٦) انظر: النتف (٢/ ٧٥٣)، المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٣)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦٩)
(٧) انظر: المصدر السابق.
(٨) في (أ) زيادة (له). وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٣)
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٣)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦٩)
(١٠) انظر: الاختيار (٢/ ٩٩)، تبيين الحقائق (٥/ ١٩٩)