للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلهذا لا يسري إلى الولد، وههنا حق الغرماء متأكد في ذمتها، متعلق بماليتها بصفة التأكيد، بدليل أنه لا ينفذ تصرف الموْلَى فيها بالبيع، والهبة ما لم يصل إلى الغرماء حقهم فيسري هذا الحق المتأكد إلى الولد)، كذا في باب الدين يلحق العبد المأذون من مأذون «المبسوط» (١).

[للموْلَى أن يأخذ غَلة العبد بعد الدين]

الْغَلَّةُ: كُلُّ مَا يَحْصُلُ مِنْ رِيعِ أَرْضٍ أَوْ كِرَائِهَا أَوْ أُجْرَةِ غُلَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ أَغَلَّتْ الضَّيْعَةُ فَهِيَ مُغِلَّةٌ أَيْ: ذَاتُ غَلَّةٍ كذا في «المُغرب» (٢) (وله) أي: وللموْلَى (أن يأخذ غَلَّة مِثله بعد الدين) أي: الضريبة التي ضرب الموْلَى على عبده كل شهر عشرة دراهم مثلًا، فهو يأخذها بعد الدين كما كان يأخذها قبل الدين، وما زاد على عشرة دراهم كان للغرماء، ولا يأخذ الموْلَى بعد الدين أزيد مما كان يأخذها قبل الدين.

وهذا الذي ذكره جواب الاستحسان، وفي القياس: لا يجوز له أن يأخذ من الغَلة بعد الدين لا قليلًا ولا كثيرًا (٣)، وذكر في «المبسوط» (٤) و «الإيضاح» (٥) (ولو كان الموْلَى يأخذ الغلة من العبد كل شهر عشرة دراهم، وعليه دين، يأتي على رقبته وكسبه حتى أخذ منه مالًا كثيرًا، ففي القياس: عليه رد جميع ما أخذ؛ لأنه أخذ من كسبه، وحق الغرماء في كسبه مقدَّم على حق الموْلَى، ولكنه استحسن، وقال: المقبوض سالم للموْلَى؛ لأن في أخذ الموْلَى الغلة منه منفعة للغرماء، فإنه يُبقيه على الإذن بسبب ما يصل إليه من الغلة، فيكتسب فيقضي حق الغرماء/ من كسبه)، فإذا منعنا الموْلَى (٦) من أخذ الغلة يَحْجر عليه في التجارة فينسد باب الاكتساب، فصار ما يأخذ من الغلة كالتحصيل للكسب، وأما إذا أخذ أكثر من غلة مثله رد الفضل على الغرماء؛ لأن الزيادة على غلة المثل لا يُعدُّ من باب تحصيل الغلة، فلا يحصل حينئذ مقصود الغرماء.

[[لا يظهر حجر المأذون حتى يعلم به أهل سوقه]]

(وإن حجر عليه لم ينحجر حتى يظهر حجره فيما بين أهل سوقه)، وهذا عندنا (٧) (وقال الشافعي (٨) - رحمه الله- الحجر عليه صحيح، وإن لم يعلم به أحد من أهل سوقه، وهذا بناء على مسألة كتاب الوكالة أي: أن عزل الوكيل لا يصحُّ إلا بعلمه عندنا (٩).


(١) للسرخسي (٢٥/ ٥٤ - ٥٥).
(٢) المغرب (ص: ٣٤٤).
(٣) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٠)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٩)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٠).
(٤) للسرخسي (٢٥/ ٥٢).
(٥) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٠)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٠).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٧)، بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٦)، الاختيار (٢/ ١٠٣).
(٨) انظر: العزيز (٤/ ٣٧٢)، الحاوي الكبير (٦/ ٥١٢)، تحفة المحتاج (٥/ ٣٣٨)، نهاية المحتاج (٥/ ٥٣).
(٩) انظر: شرح الطحاوي للجصاص (٨/ ٤٩٣)، الأسرار للدبوسي (١/ ٤١٥)، المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤٥).