للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سبب الدَّعْوَى]

وأمّا سببها: فما هو السبب الذي ذكرناه في النكاح والبيوع؛ لأنَّ دعوى الْمُدَّعِي لا تخلو إما أن تكون أمراً راجعاً إلى بقاء نسله، أو أمرًا راجعًا إلى بقاء نفسه وما يتبعهما وكلاهما قد ذُكرا.

[[شروط صحتها]]

وأمَّا شرط صحتها: على [الخصوص] (١) فمجلس القضاء؛ لأنَّ الدَّعْوَى لا تصح في غير هذا المجلس حتّى لا يجب على الْمُدَّعَى عليه جواب الْمُدَّعِي، ومن شرائط صحتها أيضاً: أن تكون دعوى الْمُدَّعِي على خصم حاضر، وأن يكون المُدَّعَى به شيئاً معلوماً، وأن يتعلق به حكم على المطلوب، لما أنّ الفاسدة من الدَّعْوَى هي أن لا يكون [الخصم حاضراً أو يكون] (٢) المُدَّعَى به مجهولاً؛ لأنَّه عند الجهالة لا يمكن للشهود الشهادة ولا للقاضي القضاء به وأن لا يلزم على المطلوب شيء بدعواه نحو أن يدَّعي أنه وكيل هذا الخصم الحاضر في أمر من أموره فإنَّ القاضي لا يسمع دعواه هذه إذا أنكر الآخر [لأنَّه] (٣) يمكنه عزله في الحال.

[حكم الدَّعْوَى]

وأمَّا حكمها: فوجوب الجواب على الخصم بنعم أو بلا؛ ولهذا وجب على القاضي إحضاره مجلس الحكم حتى يُوفِّي ما استحق عليه من الجواب.

[[أنواع الدعوى]]

وأمَّا أنواعها: فشيئان: دعوى صحيحة، ودعوى فاسدة، فالصحيحة ما تتعلَّق بها أحكامها وهي إحضار الخصم، والمطالبةُ بالجواب، واليمين إذا أنكر (٤)، وفي مثل هذه الدَّعْوَى يمكن إثبات المُدَّعَى بالبينة أو بالنكول.

والدَّعْوَى الفاسدةُ ما لا تتعلَّق بها هذه الأحكام.

وفساد الدَّعْوَى بأحد معنيين:

الأول: أن لا يكون ملزماً الخصم [للخصم] (٥) شيئاً، وإن ثبت على ما قلنا من أن يدَّعي على غيره أنّه وكيله.

والثاني: أن يكون مجهولاً في نفسه، والمجهول كما لا يمكن إثباته بالبينة، فلا يتمكن القاضي من القضاء بالمجهول لا بالبيّنة ولا بالنكول، ثُمَّ الدَّعْوَى الصحيحة لا توجب استحقاق المُدَّعَى [للمُدَّعِي] (٦) بِنَفْسِهِ لقولهِ -عليه السلام-: «لَوْ أُعْطِي النَّاسُ بِدَعْوَاهُمُ، لادَّعَى النَّاسُ دِمَاءَ قومٍ وأموالهِم، لكنَّ البَيِنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي واليَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (٧)، وفي رواية: «عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» كذا في المَبْسُوطِ (٨) والتُّحْفَةِ (٩) والجَامِعِ الصَّغِيرِ (١٠) للإمام الْمَحْبُوبِيِّ-رحمه الله- وغيرها (١١).


(١) في (أ) (الخصوم).
(٢) [ساقط] من (ج).
(٣) في (ج) (لا).
(٤) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٤/ ٣).
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) سبق تخريجه، ص (١٨١).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ٥٤).
(٩) يُنْظَر: الذَّخِيرَةِ للقرافي (٦/ ١١٧)
(١٠) يُنْظَر: البحر الرائق (٨/ ٤٦٦).
(١١) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٩٤).