للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

« … وعليه العهدة»: [أي] (١)، وعلى فلان الآمر تقديراً عهدة الأخذ بتسليم الثمن (٢).

وقوله: «لأنه صار مشترياً بالتعاطي … » دال على هذا، وهو أنَّ الضمير في: «وعليه» راجع إلى فلان، وكذلك ما ذكره شمس الأئمة نص فيه أيضاً حيث قال:

وكانت العهدة عليه، ثم قال: يعني أنَّ فلاناً بمنزلة المشتري للعبد منه ابتداءً، فتكون عهدة الأخذ على المشتري، وهكذا [ذكره] (٣) الإمام قاضي خان أيضاً.

« … وهو المعتبر في الباب» (٤)؛ أي: التراضي بمبادلة مالٍ بمال، وهو المعتبر في باب البيع لقوله تعالى: {أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} (٥)، وهذا موجود في بيع التعاطي فكان بيعاً صحيحاً، وإن لم يتلفظا بلفظ البيع والشِّراء.

[من أمر موكله بشراء عبدين ولم يسمهما واشترى أحدهما جاز ذلك]

«فاشترى أحدهما جاز» (٦)، أي: اشترى أحدهما بمثل القيمة، أو فيما يتغابن الناس فيه بأن كان غبناً يسيراً.

قوله: «لأنه توكيل بالشراء» قُيِّد به احترازاً عن التَّوكيل بالبيع، فإن ذلك يجوز عند أبي حنيفة - رحمه الله - (٧) بالغبن الفاحش، وأما في التَّوكيل بالشراء؛ فلا يحتمل الغبن الفاحش بالإجماع.

«وهذا كله بالإجماع» وبهذا يحترز عما ذكرنا من التَّوكيل بالبيع على ما ذكرنا، ويحترز أيضاً من التَّوكيل بشراء العبدين بأعيانهما، وقد سمى له ثمنهما، واشترى أحدهما بأزيد من النصف لم يلزم ذلك الشَّراء الآمر عند أبي حنيفة/ (٨)، قَلَّتِ الزيادة أو كثرت، وهي المسألة الثانية بخلاف هذه المسألة؛ فإنه إذا اشترى أحدهما بأزيد من قيمته بشيء يسير بحيث يتغابن الناس في مثله يلزم الآمر بالإجماع، وإن اشتري بأكثر لم يلزم الآمر سواء كانت تلك الزيادة/ قليلة أو كثيرة عند أبي حنيفة/.

وذكر شيخ الاسلام - رحمه الله - (٩) أن بعض مشايخنا قالوا: ليس في المسألة خلاف في الحقيقة؛ فإن قول أبي حنيفة - رحمه الله - (١٠) محمول على ما إذا كانت الزيادة كثيرة بحيث لا يتغابن الناس في مثلها، فأمَّا إذا كانت الزيادة قليلة بحيث يتغابن الناس في مثلها يجوز عندهم جميعاً؛ لأنَّه لا تسمية في حق هذا الواحد، فهو كما لو وكله بشراء عبد له ولم يسم ثمناً فاشتراه بأكثر من قيمته بما يتغابن الناس في مثله جاز، كذا هنا.


(١) سقط من «س».
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٥٣)، فتح القدير (٨/ ٥٥).
(٣) في «س»: [ذكر].
(٤) الهداية (٣/ ١٤٢).
(٥) سورة النساء، آية ٢٩.
(٦) قال في الهداية (٣/ ١٤٢): «ومن أمر رجلاً أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم له ثمناً فاشترى له أحدهما جاز».
(٧) في «س»: [رضى الله عنه].
(٨) ينظر: فتح القدير (٨/ ٥٦).
(٩) سقط من «ج».
(١٠) سقط من «س».