للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه البناء وهو أنَّ عند أبي حنيفة - رحمه الله - لما لم يملك المدَّعَى عليه إنابة غيره مناب نفسه للجواب إلا بعذر، فكذا لا يملك الأصل إنابة غيره مناب نفسه في الشَّهادة إلا بعذر، والجامع أن استحقاق الجواب على المدَّعَى عليه كاستحقاق الحضور على الشُّهود، وعندهما: لما ملك المدَّعَى عليه إنابة غيره مناب نفسه في الجواب من غير عذر، فكذا يملك الأصل إقامة الفرع مقام نفسه في أداء الشَّهادة من غير عذر».

[في تعديل شهود الأصل لشهود الفرع]

«فإن عدَّل شهود الأصل» (١) بنصب شهود على المفعوليَّة؛ أي: عدَّل الفروع الأصولَ فهو جايز.

وحاصله أنَّ الفرعين إذا شهدا على شهادة أصلين إن كان القاضي يعرف الأصول والفروع بالعدالة قضى بشهادتهم، وإن عرف الأصول بالعدالة ولم يعرف الفروع يسأل عن الفروع، وإن عرف الفروع بالعدالة ولم يعرف الأصول.

ذكر الخصَّاف - رحمه الله - أن القاضي يسأل الفروع عن أصولهم ولا يقضي قبل السؤال، فإن عدَّلا الأصول ثبتت عدالة الأصول بشهادتهما في ظاهر الرواية (٢).

وعن محمد - رحمه الله - أنَّه لا تثبت عدالة الأصول بتعديل الفروع، والصحيح ظاهر الرواية (٣).

وإن قال الفرعان: لا نخبرك، لا يقبل القاضي شهادتهما.

وعن أبي يوسف - رحمه الله - (٤) إذا قال الفرعان: لا نخبرك، يسأل غير الفرعين عن الأصول، ولو قال الفرعان: لا نعرف الأصل أعدل أم لا، قال الشيخ أبو الحسن علي السُّغدي: هذا وقول الفروع لا نخبرك سواء.

وقال شمس الأئمة الحلواني - رحمه الله - إذا قالا: [لا] (٥) نعرفه أعدلٌ أم لا، لا يرد القاضي شهادتهما، ويسأل عن الأصول غيرهما، وهو الصحيح؛ لأن شاهد الأصل بقي مستوراً.

وأمَّا إذا شهد شاهدان عند القاضي بشيء والقاضي يعرف عدالة أحدهما ولا يعرف عدالة الآخر فعدَّله هذا العدل اختلف المشايخ فيه.

قال بعضهم: يصح تعديله، كما لو عدله رجل آخر، وقال بعضهم: لا يصح تعديله، لأنَّه يريد تنفيذ شهادة نفسه بهذا التَّعديل، فكان متهماً، فلا يصح تعديله. كذا في الجامع الصغير لقاضي خان وفتاواه (٦).

وقوله: «غاية [الأمر] (٧)» (٨)؛ أي: غاية ما يرد فيه من أمر الشبهة أن يقال: ينبغي أن لا يصح تعديله؛ لأنَّه متهم بسبب أنَّ في تعديله منفعة له من حيث تنفيذ القاضي (٩).


(١) الهداية (٣/ ١٣٠).
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٩١)، العناية شرح الهداية (٧/ ٤٦٩).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٩١).
(٤) سقط من «ج».
(٥) سقط من «ج».
(٦) ينظر: فتاوى قاضي خان (٢/ ٢٧٨)، فتح القدير (٧/ ٤٦٩)، البحر الرائق (٧/ ١٢٢).
(٧) سقط من: «س».
(٨) الهداية (٣/ ١٣٠).
(٩) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٧٠)، البحر الرائق (٧/ ١٢٢).