للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(نَكَّسْتَ الشَّيْءَ قَلَبْتَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَنَكَّسْتُهُ تَنْكِيساً) (١) وَالنَّاكِسُ المطأطئ رَأْسَهُ، وَصَوَّبَ رَأْسَهُ أَيْ خَفَضَهُ، أَقْنَعَ رَأْسَهُ إِذَا رَفَعَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} (٢) كَذَا فِي "الصِّحَاحِ" (٣).

[[صفة الركوع]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَلا يُنَكِّسْهُ)

مَعْنَاهُ يُسَوِّي رَأْسَهُ بِعَجُزِهِ (٤)؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالاعْتِدَالِ فِي الرُّكُوعِ، وَالاعْتِدَالِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ظَهْرُهُ مُسْتَوِياً مِنَ الْجَانِبَيْنِ لَا يَرْفَعُ عَجُزَهُ أَعْلَى مِنْ رَأْسِهِ، وَلَا رَأْسَهُ أَعْلَى مِنْ عَجُزِهِ كَذَا فِي "الْمَبْسُوطَيْنِ" (٥) وَذَلِكَ أَدْنَاهُ أَيْ أَدْنَى كَمَالِ الْجَمْعِ؛ وَإِنَّمَا قَالَ أَدْنَاهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ مُسْتَحَبَّةٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ أَدْنَى كَمَالِ السُّنَّةِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِلَّفْظِ "الْمَبْسُوطَيْنِ".

وَذُكِرَ فِي مَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئَمَّةِ السَّرْخَسِيِّ -رحمه الله-: (وَذَلِكَ أَدْنَاهُ لَمْ يَرِدْ بِهَذَا اللَّفْظِ أَدْنَى الْجَوَازِ؛ إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَدْنَى الْكَمَالِ، فَإِنَّ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ يَجُوزُ بِدُونِ هَذَا الذِّكْرِ إِلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي مُطِيعٍ -رحمه الله- (٦) (٧).


(١) في (ب): (نكسه قلبه على رأسه ونكسه تنكيسا).
(٢) سورة إبراهيم: من آية (١٦).
(٣) نص ما في مختار الصحاح، للرازي: ن ك س: (نكس) الشيء (فانتكس) قلبه على رأسه وبابه نصر، و (نكسه تنكيسا). و (النكس) بالضم عود المرض بعد النقه وقد (نكس) الرجل (نكسا) على ما لم يسم فاعله. ويقال: تعسا له و (نكسا) وقد يفتح هاهنا للازدواج أو لأنه لغة.
ينظر: "مختار الصحاح، للرازي" (ص ٦٨٨).
(٤) في (ب): (يستوي رأسه بفخذه).
(٥) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢٠).
(٦) واسمه الحكم بن عبد الله. وكان على قضاء بلخ. راوي كتاب الفقه الأكبر عن الإمام أبي حنيفة وكان مرجئا وقد لقي عبد الرحمن بن حرملة وغيره وهو ضعيف عندهم في الحديث. وكان مكفوفا. وكان فقيها بصيراً بالرأي، وولي قضاء بلخ، وقدم بغداد غير مرة وَحدث بها. مات وَهُوَ ابْن أربع وَثمانين. مات سنة ١٩٧ هـ عن أربع وثمانين سنة. انظر: "الطبقات الكبرى لإبن سعد" (٧/ ٢٦٣) " تاريخ بغداد للخطيب البغدادي" (٩/ ١٢١)، " الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي (٢/ ٢٦٥).
(٧) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢١).