للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" يُرِيدُ بِهِ أَدْنَاهُ يَعْنِي أَدْنَى مِنْ حَيْثُ جَمْعِ الْعَدَدِ، فَإِنَّ أَقَلَّ جَمْعِ الْعَدَدِ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ انْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله- بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، حَيْثُ أَخَذَ لَفْظَ الْكَمَالِ مِنْ مَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَلَفْظَ الْجَمْعِ مِنْ "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" فَقَالَ أَدْنَى كَمَالِ الْجَمْعِ وَقَدْ وُجِدَتْ بِخَطِّ الْأُسْتَاذِ مَوْلَانَا فَخْرِ الدِّينِ -رحمه الله-؛ إِنَّمَا نَحْمِلُهُ عَلَى أَدْنَى كَمَالِ الْجَمْعِ الْمَسْنُونِ، لَا بَيَانَ الْجَمْعِ الْحَقِيقِيِّ؛ لِأَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرَائِعِ لَا لِبَيَانِ الْحَقَائِقِ (١) وَلَمْ يَرِدْ بِهِ أَدْنَى الْجَوَازِ [لِأَنَّ الْجَوَازَ] (٢) ثَابِتٌ بِدُونِهِ؛ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يُصْرَفُ الضَّمِيرُ إِلَى لَفْظِ الْجَمْعِ، وَهُوَ غَيْرُ مَذْكُورٍ؟

قُلْتُ إِنْ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظاً؛ فَقَدْ ذُكِرَ دَلَالَةٌ، وَهِيَ سَبْقُ ذِكْرِ الثَّلَاثِ، فَلَمَّا جَازَ صُرِفَ الضَّمِيرُ إِلَى مَعْلُومٍ غَيْرُ مَذْكُورٍ أَصْلاً؛ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (٣) أَيِ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّه يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى مَعْلُومٍ) (٤) وَمَذْكُورٌ دَلَالَةً بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَكَانَ (٥) هَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِبِهَا وَنَعِمَتْ» (٦) (٧) أَيْ فَبِالسُّنَّةِ [أَخَذَ] (٨) وَنَعِمَتِ الْخِصْلَةُ (وَلَمْ يَذْكُرِ السُّنَّةَ، وَلَا (٩) الْخِصْلَةَ) (١٠) لَفْظًا وَلَكِنْ ذَكَرْنَا دَلَالَةً؛ لِأَنَّ التَّوَضُّئَ لِلصَّلَاةِ طَرِيقَةٌ مَسْلُوكَةٌ وَخِصْلَةٌ مُرْضِيَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُمَا (وَرَدَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِمَا بِدَلَالَةِ التَّوَضُّئِ عَلَيْهِمَا فَكَذَا هَذَا وَفِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (١١) "


(١) هذا الكلام يفتح باباً واسعاً للابتداع في العقائد، وهو قول غلاة المعتزلة، حيث جعلوا وحي الأنبياء خاص بالشرائع، وترهات الفلاسفة قد أتت بالحقائق. انظر: "جامع المسائل لابن تيمية " (٢/ ٨٦). " درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية " (٣/ ١٧٣).
(٢) (لِأَنَّ الْجَوَازَ) زيادة من (ب).
(٣) سورة القدر: (١).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): (وكل).
(٦) أخرجه أبو داود في " (سننه"ص ٦٤)، كتاب الطهارة، باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، حديث (٣٥٤)، وأخرجه الترمذي في "سننه" (١/ ٦٢٦)، أبواب الجمعة، باب في الوضوء يوم الجمعة، حديث (٤٩٧)، وأخرجه بن ماجه في "سننه" (١/ ٣٤٧)، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الرخصة في ذلك، حديث (١٠٩١). قال الترمذي: (حديث سمرة حديث حسن).
(٧) قوله"فبها ونعمت": أي ونعمت الفعلة والخصلة هي. يعني بالوضوء ينال الفضل، وقيل: أي بالسنة أخذ ونعمت السنة، وقال الحافظ العراقي: أي فبطهارة الوضوء حصل الواجب في التطهير للجمعة. انظر: " النهاية شرح الهداية للمرغيناني" (٥/ ٨٣)، "المجموع شرح المهذب؛ للنووي" (٤/ ٤٠٧) " زهر الربى على المجتبى للسيوطي وهو مع السنن للنسائي: (٣/ ٧٧).
(٨) زيادة من (ب).
(٩) (لا) ساقطة من (ب).
(١٠) (وَلَمْ يَذْكُرِ السُّنَّةَ، ولا الْخِصْلَةَ) جملة مكررة في (أ).
(١١) ساقطة من (ب).