للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا عرض اليمين فأبى أن يحلف عرض، عليه ثلاث مرات، فإذا نكل عن اليمين أمره أيضاً أنْ يوكل وكيلاً يحضر مع خصمه مجلس الحكم، ويحضر الشاهدان فيشهدان عند القاضي بمحضر من وكيله بنكوله عن اليمين.

فإذا شهدا بذلك عند القاضي بمحضر من المدعي، والوكيل حكم القاضي عليه بالدعوى بنكوله عن اليمين، وألزمه ذلك» (١).

قال الشيخ الإمام -شمس الأئمة- السرخسي: هذا اختيار صاحب الكتاب، فإنَّه لا يشترط للقضاء بالنكول أن يكون على فور النكول، فأمَّا غيره من المشايخ يقولون يشترط للقضاء بالنكول أن يكون على أثر النكول، فلا يمكن للقاضي أن يقضي بذلك النكول، فكيف يصنع على قولهم؟.

اختلفوا، قال بعضهم الأمين يحكم عليها بالنكول، ثم ينقل الشاهدان ذلك إلى مجلس القاضي مع وكيلها فالقاضي يمضي ذلك؛ فيكون هذا إمضاءً لذلك الحكم.

وقال بعضهم: فإن القاضي يقول للمدعي: أتريد حَكَماً يحكم بينكما بذلك ثمَّة، فإذا رضي بذلك يبعث أميناً إلى الخصم الآخر فيخبره بالحكم فإذا رضي بحكم الحكم بينها وحكم الحكم بين الخصمين بمنزلة حكم القاضي المولى فإذا حكم الحكم بينهما؛ فإن كان شيئاً لا اختلاف فيه بين الفقهاء نفذ، إن كان فيه اختلاف يتوقف على إمضاء القاضي، فإذا أمضى القاضي ذلك نفذ (٢).

والقضاء بالنكول مختلف بين الفقهاء، فيتوقف النفاذ إلى إمضاء القاضي فإذا أمضى القاضي المولي ذلك الحكم نفذ على الكل.

[من الأعذار التي توجب التوكيل بغير رضا الخصم]

وذكر في الذخيرة: ومن الأعذار التي توجب [لزوم] (٣) التَّوكيل بغير رضا الخصم عند أبي حنيفة - رحمه الله - الحيض في المرأة إذا كان القاضي يقضي في المسجد، وهذه المسألة على وجهين:

إن كانت الحائض طالبة، قُبِل منها التَّوكيل بغير رضا الخصم، [وإن] (٤) كانت مطلوبة أو أخرها الطالب حتى يخرج القاضي من المسجد لا يقبل منها التَّوكيل من غير رضا الطالب.

وإنْ كان الموكل محبوساً فهو على وجهين:

إن كان محبوساً في سجن هذا القاضي الذي [رفعت] (٥) الخصومة إليه لا يقبل التَّوكيل من غير رضا الخصم؛ لأن القاضي يخرجه من السجن حتى يخاصم ثم يعيده إلى السجن.

وإن كان محبوساً في سجن الوالي، ولا يمكنه الوالي من الخروج لأجل الخصومة يقبل [منه] (٦) التوكيل، ويلزم (٧).


(١) شرح أدب القاضي للخصاف (٢/ ٣١٨ - ٣٢٠).
(٢) ينظر: فتح القدير (٧/ ٥١٠)، حاشية ابن عابدين رد المحتار (٧/ ٢٨٢).
(٣) في «س»: [اللزوم].
(٤) في «ج»: [فإن].
(٥) في «ج»: [رجعت].
(٦) في «ج»: [منهما].
(٧) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢٥).