للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب إقرار المريض (١)

لما فرغ من بيان أحكام إقرار الصحيح وهو الأصل شرع في بيان أحكام إقرار المريض وهو العارض والفرع؛ لأن المرض بعد الصحة. وأفرده باب على حدة لاختصاصه بأحكام ليست هي للصحيح والدّين المعروفة الأسباب فقدم صورته: رجل استقرض مالًا في مرضه وعاين الشهود دفع المقرض المال إلى المريض المستقرض أو اشترى شيئًا وعاين الشهود قبض المبيع أو استأجر شيئًا بمعاينة الشهود أو تزوج امرأة بمهر مثلها وعاين الشهود النكاح وعليه ديون (٢) الصحة، فإن هذه الديون تساوي ديون الصحة مع أن ديون الصحة تعلقت بماله سابقًا على تعلق حق أصحاب هذه الديون وإنما كان كذلك؛ لأن حق الغرماء متعلق بمعنى الأموال وهو المالية لا بأعيانها ولئن كان خرج بعض أمواله إلى هذه الوجوه فقد أدخل مثلها في المالية في ملكه، وما أدخل في ملكه صالح بقضاء حق غرماء الصحة. وفي بعض هذه التصرفات إن كان إبطال حق غرماء الصحة وهو النكاح والاستئجار إلا أن ذلك من حوائجه الأصلية وحاجته الأصلية مقدمة على حق غرماء الصحة. ألا ترى: أن حاجته في ثمن الأدوية وأجرة الطبيب ومأكله وملبسه (٣) وما أشبهها مقدمة على حق غرماء الصحة كذا في الذخيرة (٤). وهو الإقرار الصادر عن عقل ودين وإنما تعرض لهذين الوصفين؛ لأن العقل والدين هما اللذان يمنعان المرء عن الكذب في إخباره، والإقرار إخبار عن الواجب في ذمته فلا يكذب في إقراره لوجود هذين


(١) العنوان ساقط من (أ).
(٢) في (أ): دين.
(٣) في (ب): وما ألبسه.
(٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق ٥/ ٢٤.