للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوصفين في المقر. وفي هذا لا يتفاوت بين أن يكون المقر صحيحًا أو مريضًا. بل بالمرض يزداد معنى (١) رجحان جانب الصدق لما أن المرض حالة التوبة والإنابة ومحل الوجوب الذمة العاملة للحقوق وهي ذمة الحر البالغ العاقل.

(ولنا أن الإقرار لا يعتبر دليلًا إذا كان فيه إبطال حق الغير، وفي إقرار المريض ذلك) لأن المريض إنما حجر عن الإقرار بالدين بسبب دين الصحة وكان (٢) في تصحيح إقراره إبطال دين الصحة فلا ينفذ ذلك. كمن رهن ماله أو أجره ثم أقرَّ به لغيره فإنه لا ينفذ في حق المرتهن والمستأجر أو نقول: أن أحد الإقرارين وجد في حالة الإطلاق والآخر في حالة الحجر فيقدم ما وجد في حالة الإطلاق على ما وجد في حالة الحجر، كالعبد إذا أقرَّ بدين في حالة الإذن وبدين آخر في حالة الحجر وإنما قلنا: بأنه محجور؛ لأنَّ بسبب المرض يلحقه الحجر لتعلق حق الغرماء والورثة بماله حتى لا يجوز تبرعه بشيء إذا كان الدين محيطًا وفيما زاد على الثلث إذا لم يكن عليه دين لتعلق حق الورثة بماله.

وقوله: بأن المرض دليل على صدقه في إقراره. قلنا: هو في حق من ترجح أمر دينه على هواه، فأما في حق من يرجح هواه على أمر دينه فهذه الحالة حالة المبادرة إلى ما كان يريده ويهواه مما قدم نفسه فيها. فلما آيس من نفسه آثر من يهوى على من هو المستحق لماله، وعلى الحقيقة لا يتبين عليه إحدى الحالتين عن الأخرى إلا بوصي، فعلقت التهمة بالسبب الداعي إلى الوصية وصلة الناس بماله وهو مرض الموت فإن قيل الإقرار بالوارث في مرضه يصح مع أنه يبطل به حق سائر الورثة. فلِم لَمْ يصح الإقرار بالدين مع استوائهما في إبطال حق


(١) في (ب): المعنى.
(٢) في (ب): فكان.