للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَجْه الأَوَّل)، وهو قضاء الدَّين في حال الإسلام مِن كَسْب الإسلام وقضاء الدَّين في حال الرِّدَّة مِن كسب الرِّدَّة، وكذلك غيره في (١) الوجهَينِ.

قوله: (إلَّا إذا تعذَّر قضاؤه مِن محلٍّ آخر فحينئذٍ تقضى منه كالذِّمِّي … ) إلى آخره؛ (٢) جواب إشكال (٣) ورَد على قولِه: ليس بمملوك له؛ بأنْ يُقال: لمَّا لم يكن كسب الردَّة مملوكًا له، كيف يؤدِّى دَينه منه وإنْ لم يكن له كسب الإسلام؟ فقال: هذا غير بعيد هو أنْيُصرَف الكَسب إلى الدَّين، وإنْ لم يكن ملكًا له، كالذِّمِّي إذا مات ولا وارثَ له، فلَم يبقَ له ملك فيما اكتسبه، بل يكون ماله لعامَّة المسلمين، ومع ذلك لو كان له دَين يُقضى منه.

وذكر في المبسوط: "فعلى هذا لا يُنفَّذ تصرُّفه في الرَّهن وقضاءِ الدَّين مِن كَسب الرِّدَّة إذا كان في كَسب الإسلام وفاءً بذلك" (٤).

قوله (وكَسب الرِّدَّة خالصُ حقِّه) فإنْ قيل: هذا مناقِض لما ذَكر قبلَه في مواضع بقوله: (ويزول ملك المرتدِّ عَن أمواله بردَّته)، وقوله: (وهذا يوجِب زوالَ ملكه ومالكيته)، وقوله: (وأما كسب الردة ليس بمملوك له)، وخُلوص الحقِّ في المال إنَّما يُعرف بكونه مملوكًا له.

قلنا: المعنى من خلوص الحقِّ هنا: هُو أنْ لا يتعلَّق حقُّ الغَير به، كما يَثبُت التعلُّق في مال المريض، ثمَّ لا يلزم مِن كونه خالص حقِّه كونه ملكًا له. ألا ترى أنَّ كسب المكاتَب للمكاتب خالص حقِّه، وليس بملك له، وكذلك الذِّمِّي إذا مات ولا وارث له، على ما ذكرنا، هو خالص حقِّه ولا ملك له فيه.

[[أقسام تصرفات المرتد]]

(يجوّز ما صنع في الوجهين) أحدهما: الإسلام، والثاني: أحد الأوْجه الثلاثة من الموت، والقتل، واللُّحوق.

(نافذ بالاتفاق: كالاستيلاء والطلاق) (٥).

فإن قيل: بالارتداد وقعتْ الفُرقة بينهما ثُمَّ بعد ذلك كيف يُتصوَّر الطَّلاق من المرتدِّ؟

قلنا: قَد (٦) فصَّلنا في آخر "باب نكاح أهل الشرك" من كتاب النِّكاح الفُرقة التي يَقَع بعدها الطَّلاق، والفُرقة التي لا يقع بعدها الطَّلاق، وقد ذكرنا مِن رواية المحيط أنَّ الفُرقة التي تَقع بالارتداد مِن قَبيل الفُرقة التي يقع بعدها الطَّلاق، فكان طَلاق المرتدِّ واقعًا بعد الفُّرقة بالارتداد، كما لو طلقها بعدما أبانَها بالطَّلاق البائن، على أنَّا نقول: يحتمِل أنْ يُوجَد الارتداد، ولا تقع الفُرقة به كما لو ارتدَّا معًا (٧).


(١) في (ب) "من".
(٢) تمام كلامه "إذا مات ولا وارث له يكون ماله لجماعة المسلمين، ولو كان عليه دين يقضى منه كذلك ههنا". الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٤٠٨).
(٣) في (ب) "لإشكال".
(٤) المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٧).
(٥) هذا القسم الأول من تصرفات المرتد.
(٦) ساقط من (ب).
(٧) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٨٢).