للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لأنَّه لا يفتقر إلى حقيقة الملك وتمام الولاية) هذا نشر لما لَفّ بقوله: (كالاستيلاد (١) والطَّلاق) أي: الاستيلاد لا يفتقِر إلى حقيقةِ الملك حتَّى صحَّ في جارية الابن، والطَّلاق لا يفتقِر إلى تمام الولاية حتَّى صحَّ مِن العبد مَع قصور ولايتِه على نفسه.

وذكر في المبسوط: "منها نافذ بالاتِّفاق، وهو الاستيلاد حتَّى إذا جاءت جاريتُه بولَد فادَّعى نسبَه يثبُت النَّسب منه، وورِثه هذا الوَلد مَع ورثتِه/، وكانت الجارية أمَّ ولد له لأنَّ حقَّه في ماله أقوى من حقِّ الأب في جاريةِ ولدِه، واستيلاد الأبِ صحيح، فاستيلاد المرتدِّ أولى؛ ولأنَّها موقوفة على حكم ملكه حتَّى إذا َأسلم كانت مملوكةً له، وحقُّه فيها أقوى مِن حقِّ المولى في كَسب المكاتَب، وهناك يصِحُّمنه دعوة النَّسب، فههنا أولى، إلَّا أنَّ هناك يحتاج إلى تصديق المكاتَب لاختصاصه بملك اليد والتصرُّف، وههنا لا يحتاج إلى تصديق الورثة لأنَّه لم يثبت لهم ملك اليد والتصرُّف في الحال" (٢).

(وباطل بالاتفاق: كالنكاح والذبيحة؛ لأنه يعتمد الملة ولا ملة له) (٣).

فإن قيل: أيش [تعني] (٤) بـ"الملَّة"؟ إنْ عنيتَ بها ملَّة الإسلام فينتقِض بصحَّة نكاح أهل الكتاب، وإنْ عنَيتَ بها الملَّة السماوية فينتقِض (٥) بصِحَّة نكاح المجوس، وأهل الشِّرك فيما بينَهم، وليس لهم ملَّة سماوية أصلًا، لا مقرَّرة ولا محرَّفة، وَمَع ذلك إنَّ نكاحَهم محكوم بالصَّحة، والدَّليل على صحَّة نكاحِهم وجوبُ الحكم على قاضي أهل الإسلام بالنَّفَقة، والسُّكنى، وجَرَيان التَّوارث بين الزَّوجين ولأنَّهم لو أسلموا على نكاحهم ذلك يقَرُّون عليه إذا لم يَكُن النِّكاح في ذات رحِم محرَّم منهم، وقال النَّبي -عليه الصلاة والسلام-: "وُلِدتُ مِن نكاحٍ لا مِن سِفاح" (٦).


(١) الاستيلاد: قال في اللباب "هو لغةً: طلب الولد، وشرعًا: طلب المولى الولد من أمةٍ بالوطء" اللباب في شرح الكتاب (٣/ ١٢٢).
(٢) المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٤).
(٣) هذا القسم الثاني من تصرفات المرتد.
(٤) في (أ) "تعني".
(٥) في (ب) "فتنتقض".
(٦) أخرجه الطبراني في الأوسط، برقم (٤٧٢٨) ٥/ ٨٠.
عن علي، أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي".
قال الهيثمي: وفيه محمد بن جعفر بن محمد بن علي، صحح له الحاكم في المستدرك وقد تكلم فيه، وبقية رجاله ثقات. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٨/ ٢١٤).