للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: قال الإمام ظهير الدِّين في الفوائد: وقَد راجعتُ الفُحول في هذا فلَم أجِد لدَيهم ما يجدي نفعًا، وكنتُ في ذلك متَمَلْملًا حتَّى هَجَس في فؤادي والتاط بصغري … وَذكَر ما هجَس في فؤاده، وهو أنَّ المعني مِن تلك الملَّة هو الملَّة (١) الَّتي يتديَّنون بذلك النِّكاح المتوارث (٢) ويُقرّون على ذلك لأنَّ عند ذلك يحصُل ما هو الغَرَض مِن النِّكاح، وهو التّوالُد والتَّناسُل، وينتظم مصالح النِّكاح، وإذا كان كذلك، فالمرتدُّ والمرتدَّة لَيسا على تلك الملَّة فلا يصِحُّ نكاحُهما، وذلك لأنَّ المرتدَّ يُستتاب بالسَّيف، والمرتدة تستتاب (٣) بالحَبس، فكيف ينتظِم ما هو الغَرض مِن النكاح؟ فلمَّا لم يحصُل لهما هذا الغَرض لا يكون لهما ملَّة يتديَّنون بها التَّوارث فلا يصحُّ نكاحُهما. (٤) فالحاصل أنَّ حِلَّ الذَّبيحة يقتضي ملَّةً تتلقَّى مِن الكتاب، وصحَّة النِّكاح يقتضي (٥) ملَّة لو ماتَ مَن عليها يرِثُه مَنكان عليها بذلك النِّكاح. فلذا (٦) جاز نكاح المجوس، ونكاح سائر المشركين لأنَّهم دانوا دِينًا لو مات مَن عليه يرِثه مَن كان عليه، ويقرُّون على ذلك الدِّين؛ فحينئذٍ ينتظِم مصالح النِّكاح فيصحُّ نكاحُهما بخلاف المرتدِّ والمرتدَّة على ما قلنا، فلا يصح نكاحهما.

(وموقوف بالاتفاق: كالمفاوضة) (٧) فإنَّه إذا فَاوَض مسلمًا [توقَف] (٨)، فإنْ أسلَم نُفِّذت المفاوضة، وإنْ مات أو قُتِل أو قضي بلحاقه بدار الحرب بطَلت المفاوضة بالاتفاق. ولكن عند أبي يوسف ومحمدٍ -رحمهما الله- تبقى (٩) عنانًا (١٠)، وهو ما عدَدْناه، وهو قوله: (ما باعه أو اشتراه … ) إلى آخره (١١) على ما قرَّرناه وهو قوله: لأنَّه (مكلَّف محتاج) (١٢).


(١) في (ب) "أن الملة".
(٢) في (ب) "التوارث".
(٣) ساقط من (ب).
(٤) ينظر البناية شرح الهداية (٧/ ٢٨٢ - ٢٨٣).
(٥) في (ب) "تقتضي".
(٦) في (ب) "فلهذا".
(٧) هذ القسم الثالث من تصرفات المرتد.
(٨) في (أ) "يوقف".
(٩) في (ب) "يبقى".
(١٠) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٩٩).
(١١) تماتم كلامه: "أو أعتقه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه من أمواله في حال ردته فهو موقوف، فإن أسلم صحّت عقوده، وإن مات أو قُتل أو لحق بدار الحرب بطلت". بداية المبتدي (ص: ١٢٣).
(١٢) في (ب) "محتاج إلى آخره".