للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولهذا لو وُلِد له ولد)، هذا لإيضاح أنَّ الملك للمرتدِّ باقٍ.

(ولو مات وَلده) أي: ولد المرتدِّ.

(بعد الرِّدَّة قبل الموت لا يرثه) هذا أيضًا لإيضاح أنَّ الردَّة ليست كالموت مِن كلِّ وجه، وأهلية المرتدِّ للملك باقيةٌ. وإنَّما قيّد بالولد المولود بعد الرِّدة، وإنْ كان الحكم في الولد المولود قبل الردَّة كذلك أيضًا، لدَفع شبهةٍ عسى تُرِدُ بأنْ يقال: إنَّما ورث المرتدُّ ولدُه المولود قبل الردَّة لأنَّه انتقل إليه إرثه.

(قبل المدَّة إلَّا أنَّ (١) عند أبي يوسف تصحُّ كما تصحُّ من الصحيح)؛ لأنّه متمكِّن من دفع الهلاك عن نفسِه بسبَب مستحقّ عليه مرغوب فيه، فلا تصير في حكم المريض كَمَن قصد أنْ يلقي نفسَه مِن شاهقِ جبلٍ لا يصير به في حكم المريض. يوضِّحه أنَّ المقضي عليه بالرَّجم والقصاص يصير كالمريض ما دام في السِّجن لتمكُّنه مِن دفع الهلاك عَن نفسه بادِّعاء بشبهة، فالمرتدُّ أولى لما أنً دعوى (٢) الشُّبهة هناك متردَّد (٣) في القبول، وههنا تُقبل قطعًا.

(وعند محمَّدٍ -رحمه الله- تصحُّ كما تصحُّ مِن المريض) لأنَّه لما أشرَف على الهلاك أعطي له حكم المريض في التصرُّف. ألا ترى أنَّ زوجته ترثه بحكم الفِرار، وذلك لا يتحقَّق إلا في المريض (٤)؛ كذا في المبسوط.

(على ما قرَّرنا) وهو قوله: (أنَّه حربي مقهور … ) إلى آخره (٥)، (وصار كالحربي يدخل دارنا) إلى أنْ قال: (بتوقُّف تصرُّفاته لتوقُّف حاله) إلا أنَّ هناك يُتوقَّف حال الحربي بين الاسترقاق والقتل/ والمنِّ، وههنا بين القتل، والإسلام، ثم هناك إنْ استرقّ أو قُتل بطَل، وإنْ ترك نُفِّذ، فكذلك ههنا. يوضِّحُه أنَّ المرتدَّ هالك حكمًا، والهلاك الحقيقي ينافي مالكيته المال، ولا ينافي توقُّف المال على حقِّه كالتَّركة المستغِرقة بالدَّين، فكذا (٦) الهلاك الحكمي (٧). وإذا تُوقِّف الملك توقِّف ما يَبتني عليه مِن التصرُّفات، كما في الحربي الذي ذكرنا، بخلاف المقضي عليه بالقصاص والرَّجم؛ فهناك لم يزَل ما به عِصمة المال والنَّفس، وهو الإسلام، وإنَّما استحق نفَسه بما هو مِن حقوق تلك العِصمة في حقِّ ولي القصاص، حتَّى لو قتله غير ولي (٨) القصاص بغير إذنِه يُقتل القاتِل فيبقى مالكًا حقيقةً لبقاء عصمة ماله، وقد انعدم ههنا ما به كانت العصمة في حقِّ النَّفس في حقِّ الكلِّ، فكذلك في حقِّ المال لأنَّها تابعة للنَّفس في العصمة؛ ولأنَّ تأثير الردَّة في نفي المالكية فوق تأثير الرِّق، وإنَّ الرِّق ينافي مالكية المال، ولا ينافي مالكية النِّكاح والردَّة تنافيهما. فلمَّا لم يعتبر تصرُّف الرَّقيق باعتبار عدم مالكيته المال فههنا أولى (٩)؛ كذا في المبسوطوالجامع الصغير لقاضي خان.


(١) ساقط من (ب).
(٢) في (ب) "دعوة".
(٣) في (ب) "مترددة".
(٤) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٤ _ ١٠٥).
(٥) "أنه حربي مقهور تحت أيدينا على ما قررناه في توقُّف الملك، وتوقف التصرفات بناء عليه، وصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان، فيؤخذ ويقهر وتتوقف تصرفاته لتوقف حاله". الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٤٠٩).
(٦) في (ب) "فكذلك".
(٧) هلاك حكمي: وهو أن يخرج من ملكه كله أو بعضه. البناية شرح الهداية (٩/ ٣٦٠).
(٨) في (ب) "مولى".
(٩) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٥).