للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«إلا أن القاضي بكمال ديانته» (١)، هذا جواب إشكال مقدر، وهو أن يقال: إنَّ القاضي الكاتب بمنزلة الشَّاهد الفرعي، لأنَّه سمع الشَّهادة من الشَّاهدين، ونقل شهادتهما بالكتاب إلى القاضي المكتوب إليه، فصار كأنَّه حضر بنفسه مجلس القاضي المكتوب إليه.

وهناك يُشترط الاثنان، فكذلك ينبغي أن يُشترط في القاضي الكاتب أن يكون اثنين والجواب (٢) ما ذكره في الكتاب (٣).

[مطلب مهم في التعريف والنسبة] (٤)

«ولو قالوا في هذين البابين» (٥)؛ أي: باب الشَّهادة على الشَّهادة، وباب كتاب القاضي إلى القاضي.

«حتى ينسبونها إلى فخذها، وهي القبيلة الخاصَّة» (٦)، وجعل الفخذ من الخاصَّة التي لا خاصة دونها موافق لرواية الصِّحاح، حيث جعل الفخذ آخر القبائل الست، فقال: أولها الشَّعب، ثم القبيلة، ثم الفصيلة، ثم العِمارة، ثم البطن، ثم الفخذ (٧).

وأمَّا على اختيار صاحب الكشَّاف وغيره، كون الفخذ أخص بالنسبة إلى ما فوقها حيث قال في الكشاف في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (٨)، الشعب: الطبقة الأولى من الطبقات السِّت التي عليها العرب، وهي الشعب، والقبيلة، والعمارة، والبطن، والفخذ، والفصيلة، [والشعب] (٩) تجمع القبائل، والقبائل/ تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطون تجمع الأفخاذ، والفخذ تجمع الفصائل، خزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصي بطن، وهاشم فخذ، والعباس فصيلة، وسميت الشعب؛ لأنَّ القبائل [تتشعب] (١٠) منها (١١).

ثم اعلم أن الشَعب بفتح الشين، والعِمارة بكسر العين، كذا في الديوان (١٢).

«لأنَّه اسم الجد الأعلى فنزل منزلة الجد الأدنى» (١٣)؛ أي: لأنَّ الفخذ اسم الجد الأعلى في القبيلة الخاصة، فصار بمنزلة الجد الأدنى في النسبة، وهو أبو الأب (١٤). والله أعلم.


(١) « … ووفور ولايته ينفرد بالنقل». الهداية (٣/ ١٣٠).
(٢) قال في الهداية (٣/ ١٣٠): «إلا أن القاضي لكمال ديانته ووفور ولايته ينفرد بالنقل».
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٩٣).
(٤) زيادة من هامش نسخة «ج».
(٥) « … التميمية، لم يجز حتى ينسبوها». الهداية (٣/ ١٣٠).
(٦) الهداية (٣/ ١٣٠).
(٧) الصحاح للجوهري (١/ ١٥٥)، مادة «شعب».
(٨) سورة الحجرات: آية ١٣.
(٩) سقط من «س».
(١٠) في «س»: [تشعبت].
(١١) الكشاف للزمخشري (٤/ ٣٧٤ - ٣٧٥).
(١٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٩٤)، العناية شرح الهداية (٧/ ٤٧٣)، البحر الرائق (٧/ ١٢٤).
(١٣) تتمتها في الهداية (٣/ ١٣٠): «ثم التعريف وإن كان يتم بذكر الجد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافاً لأبي يوسف/ على ظاهر الروايات، فذكر الفخذ يقوم مقام الجد؛ لأنَّه اسم الجد الأعلى، فنزل منزلة الجد الأدنى، والله أعلم».
(١٤) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٧٤).