للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: هذا (١) لو أفاد البيع الفاسد الملك للمشتري عند اتصال القبض بالمبيع لجاز للمشتري أن يطأ جارية اشتراها بشراء فاسد، والحكم أنه لا يحل له وطؤها، وكذا لا شفعة للشفيع في الدار المشتراة بشراء فاسد، وكذا لا يحل أكل طعام اشتراه بشراء فاسد. قلت: "هذا مستدل مشائخ العراق، في أن جواز التصرف للمشتري فيما إذا اشترى بشراء فاسد، هو ملك التصرف فيه باعتبار تسليط البائع على ذلك، لا بناء على ملك العين استدلالاً، فهذه المسائل التي ذكرت؛ إذ لو ملك العين لكان الحكم على خلاف ذلك، وأما مشائخ بلخ فقالوا: إن جواز التصرف له بناء على ملك العين، وهو الأصح، بدليل أن من اشترى داراً بشراء فاسد فقبضها فبيع بجنبها دار فللمشتري بشراء فاسد أن يأخذ تلك الدار بالشفعة لنفسه، وكذا لو اشترى جارية بشراء فاسد، وقبضها، ثم ردها على البائع، وجب على البائع الاستبراء، ولو باع الأب أو الوصي عبداً ينم، بيعاً فاسداً (٢) وقبضه المشتري وأعتقه جاز عتقه، ولو كان عتقه على وجه التسلط لما جاز؛ لأن عتقهما أو تسليطهما على العتق، لا يجوز، فعلم بهذه الأحكام أنه لا (٣) يملك العين، وإنما لم يحل (٤) وطء الجارية ولم تثبت الشفعة فيما ذكرت؛ لأن في قضاء القاضي بالشفعة تأكيد الفساد وتقريره، وفي الاشتغال (٥) بالوطء إعراض عن الرد، فلا يجوز له أن يطأها.

وقال الإمام الحلواني (٦): يكره الوطء ولا يحرم، كذا في التتمة (٧)، فكذا لا يحل أكله؛ لما فيه إعراض عن الرد، كذا في فتاوى قاضي خان (٨).

(وإن كان قوبل)

أي: الخنْزير أو الخمر بعين معين.

[[بيع الخمر والخنزير بمقابل]]

(فالبيع فاسد حتى يملك ما يقابله، وإن كان لا يملك عين الخمر والخنزير)

"فإن قيل: تحت هذا القول فساد عظيم؛ لأن البيع اسم (٩) لمبادلة مال بمال حتى لا ينعقد بدونه بالإجماع (١٠)، فإذا لم يجب الملك في الثاني بما تبادلا صارت المبادلة بالقبض بغير ما ذكر، أو انعدمت المبادلة الأولى، فبقي القبض على جهة (١١) البيع دون حقيقة البيع، والقبض على جهة البيع لا يوجب ملكاً كالمقبوض على سوم الشراء.


(١) سقط من (ب).
(٢) سقط من (ب).
(٣) سقط من (ب).
(٤) "له" زيادة في (ب).
(٥) " الاشغال" في (أ).
(٦) سبق ترجمته ص ٩٢.
(٧) تبيين الحقائق شرح كنْز الدقائق وحاشية الشلبي (٤/ ٦٢).
(٨) ينظر: فتاوى قاضيخان (٢/ ٨٥)، المسائل البدرية (٢/ ٦١٢ - ٦١٣).
(٩) سقط من (ب).
(١٠) ينظر: الحاوي الكبير (٥/ ١١)، الإقناع في مسائل الإجماع (٢/ ٢٢٤).
(١١) "وجه" في (ب).