للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أنّ الذميّ يعتقد فيها الماليّة والتقوّم ويُحرِزُهَا لِذلك؛ لأنّه يعتقد جواز بيعها وإنّما يبنى في حقّهم الحكم على اعتقادهم كما في مالية الخمر (١).

والثّاني: أنّ ملكه فيها محترم وإن لم يكن مالًا متقومًا وقد احتبس عندها لمعنى من جهتها فيكون مضمونًا عليها عند الاحتباس، وإن لم يكن مالًا متقوّمًا كالقصاص فإنّه ليس بمال متقوّم ثم إذا احتبس نصيب أحد الشّريكين عند القاتل بعفو الآخر يلزمه بدله. والله أعلم).

بابُ عِتقِ أَحَدِ العَبدينِ

تناسب البابان من حيث إن في كلّ منهما عتق بعض المملوك، غير أن في الأوّل بعض مملوك وهو واحد، وفي هذا بعض مملوك وهو اثنان أو أكثر، فقدم الأوّل على هذا؛ لأنّ الواحد قبل الاثنين.

قوله: (ومَن كَان لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ إلى آخره) (٢) فالمسألة على ثلاثة أوجه:


(١) الخمرُ لغةً: ما خامر العقلُ وخالطهُ. وسميت الخمرُ خمرًا، لأنها تركت فاختمرت، واختمارها تغييرُ ريحها.
وقيل سميت بذلك، لمخامرتها العقلَ.
انظر: لسان العرب (٤/ ٢٩٦) وما بعدها، (خمر).
وعند الفقهاء: عرفها الحنفيةُ بقولهم: هي النّيءُ من ماء العنبِ المشتدِّ بعدما غلي وقذف بالزَّبد.
وعرفها الجمهور بقولهم: هي ما خامر العقلَ أي غطاه وستره. وكل شيء أسكر كثيره فقليله حرامٌ، وهو الراجح.
انظر: المبسوط للسرخسي (٣/ ٢٤)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للطرابلسي (٣/ ٢٣٢ - ٢٣٣)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٣٤/ ١٩٩ - ٢٠٠).
(٢) هذه بداية مسألة، وهذا نصها بتمامها " ومن كان له ثلاثة أعبد دخل عليه اثنان فقال أحدكما حر ثم خرج واحد ودخل آخر فقال أحدكما حر ثم مات ولم يبين عتق من الذي أعيد عليه القول ثلاثة أرباعه ونصف كل واحد من الآخرين عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- وقال محمد -رحمه الله- كذلك إلا في العبد الآخر فإنه يعتق ربعه " أما الخارج فلأن الإيجاب الأول دائر بينه وبين الثابت وهو الذي أعيد عليه القول فأوجب عتق رقبة بينهما لاستوائهما فيصيب كلا منهما النصف غير أن الثابت استفاد بالإيجاب الثاني ربعا آخر لأن الثاني دائر بينه وبين الداخل وهو الذي سماه في الكتاب آخرا فيتنصف بينهما غير أن الثابت استحق نصف الحرية بالإيجاب الأول فشاع النصف المستحق بالثاني في نصفيه فما أصاب المستحق بالأول لغا وما أصاب الفارغ بقي فيكون له الربع فتمت له ثلاثة الأرباع.
ولأنه لو أريد هو بالثاني يعتق نصفه ولو أريد به الداخل لا يعتق هذا النصف فيتنصف فيعتق منه الربع بالثاني والنصف بالأول وأما الداخل فمحمد -رحمه الله- يقول: لما دار الإيجاب الثاني بينه وبين الثابت وقد أصاب الثابت منه الربع فكذلك يصيب الداخل وهما يقولان إنه دائر بينهما وقضيته التنصيف وإنما نزل إلى الربع في حق الثابت لاستحقاقه النصف بالإيجاب الأول كما ذكرنا ولا استحقاق للداخل من قبل فيثبت فيه النصف.
قال: " فإن كان القول منه في المرض قسم الثلث على هذا " وشرح ذلك أن يجمع بين سهام العتق وهي سبعة على قولهما لأنا نجعل كل رقبة على أربعة لحاجتنا إلى ثلاثة الأرباع فنقول يعتق من الثابت ثلاثة أسهم ومن الآخرين من كل واحد منهما سهمان فيبلغ سهام العتق سبعة، والعتق في مرض الموت وصية ومحل نفاذها الثلث فلا بد أن يجعل سهام الورثة ضعف ذلك فيجعل كل رقبة على سبعة وجميع المال أحد وعشرون فيعتق من الثابت ثلاثة ويسعى في أربعة ويعتق من الباقيين من كل واحد منهما سهمان ويسعى في خمسة فإذا تأملت وجمعت استقام الثلث والثلثان، وعند محمد -رحمه الله- يجعل كل رقبة على ستة لأنه يعتق =من الداخل عنده سهم فنقصت سهام العتق بسهم وصار جميع المال ثمانية عشر وباقي التخريج ما مر " ولو كان هذا في الطلاق وهن غير مدخولات ومات الزوج قبل البيان سقط من مهر الخارجة ربعه ومن مهر الثابتة ثلاثة أثمانه ومن مهر الداخلة ثمنه " قيل هذا قول محمد -رحمه الله- خاصة وعندهما يسقط ربعه وقيل هو قولهما أيضا وقد ذكرنا الفرق وتمام تفريعاتها في الزيادات. انظر: الهداية (٢/ ٣٠٦، ٣٠٧).