للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: (قال أحدكما حرّ) وبَيَّنَ العتق فيهما.

والثّاني: أنّه مات بعد هذا القول قبل البيان.

[٤٠٦/ أ] والثّالث: أنّه مات العبد قبل البيان، والمذكور ههنا (١) هو الذي مات المولى قبل البيان فيعتبر فيه الأحوال والأصل/ في اعتبار الأحوال في حالة الاشتباه ما روي أنّ النبي -عليه السلام- «بعث أناسًا إلى بني خثعم للقتال فاعتصم ناس منهم بالسّجود فقتلهم بعض أصحاب النبي -عليه السلام- فلمّا بلغ ذلك إلى رسول الله -عليه السلام- قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنصف العقل» (٢) باعتبار الأحوال، وذلك لأنّ السجود منهم كان محتملاً يُحتَمَل أن يكون لله؛ فكان إسلاماً فكان يجب عليهم بقتلهم جميع الديّة (٣) ويحتمل أن يكون لا لله لكن كان تعظيمًا تقية من القتل على ما عليه دابهم في السجود تعظيمًا لعظمائهم تصونًا عن شرّهم، فباعتبار هذه الحالة لا تجب الديّة، فلمّا وجبت من وجه ولم تجب من وجه، أوجب النّصف وأسقط النّصف، وعلى هذا مسائل أصحابنا -رحمهم الله-.

فإن قيل: ما الفرق بين هذا وبين الخنثى؟ (٤) على قول أبي حنيفة -رحمه الله- فإنّه يعطيه أقلّ النّصيبين من غير اعتبار الأحوال.


(١) أي في المسألة المراد توضيحها.
(٢) الحديث: عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرِيَّة إلى خثعم، فاعتصم نَاس منهم بِالسُّجُود، فأسرع فيهم القَتل، فبلغ ذلك النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فأمر لهم بِنصف العقل، وقال: "أَنا بَرِيء من كل (مُسلم) يُقيم بَين أظهر المشركين". قالوا: يا رسُول الله، بم؟ قال: "لا ترَاءى ناراهما".
أخرجه أَبُو دَاوُد: (٣/ ٤٥)، كتاب الجهاد، رقم (١٥)، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، رقم الحديث (٢٦٤٥)، وفي سنن الترمذي ت شاكر (٤/ ١٥٥)، كتاب أبواب اليسر، رقم (١٩)، باب ما جاء في كراهِيةِ المُقام بين أظهر المشركين، رقم الحديث (١٦٠٤)، وسنن النسائي (٨/ ٣٦)، كتاب القسامة، رقم (٤٥)، القود بغير حديدة، رقم الحديث (٤٧٨٠)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، (٨/ ٢٢٥)، كتاب القسامة، رقم (٥٢)، باب ما جاء في قسامة الجاهلية، رقم (١٦٤٧١).
حكم الألباني في الإرواء: (١٢٠٧) صحيح دون الأمر بنصف العقل.
(٣) الدِّية: المالُ الذي هو بدلُ النّفسِ. انظر: التعريفات (١/ ١٠٦).
(٤) الخُنّثَى في عرف الفقهاء: هو من له فَرجٌ وذَكرٌ، أو ليس له شيء أصلاً. انظر: تبيين الحقائق (٧/ ٤٤٠).