للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها أنَّ فيها إحياءَ الحقوق الذَّاهبة، وإبداءَ الدعاوى النَّاضِبة (١).

وهو المقصود في الباب، ومحبوب أولي الألباب، وفيه نفعٌ لغيره من النَّاس.

قال النَّبي- صلى الله عليه وسلم -: «خَيرُ النَّاسِ مَن ينفَعُ النَّاسَ» (٢).

ومنها: أنَّ فيها امتثالَ أمر الله تعالى بقوله: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} (٣) وانتهاءَ ما نهى الله تعالى بقوله: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} (٤).

وبناءُ الإسلام على شيئين؛ امتثالُ ما أمر الله به، وانتهاءُ ما نهى الله عنه.

ومنها: استيجابُ الإكرام الثَّابت فيما بين العباد، والإعظام (٥) القارُّ (٦) بين أهل البلاد، قال النَّبي- صلى الله عليه وسلم -: «أكرموا الشُّهود فإنَّ الله تعالى يحيي الحقوق بهم» (٧).

في تعريف الشهادة لغة واصطلاحاً

ثم يحتاج هاهنا إلى بيان الشَّهادة لغةً وشرعاً، وسببها، وشرطها، وركنها، وحكمها.

أمَّا اللغةُ: فالشَّهادةُ هي الإخبارُ بصحَّة الشيء عن مشاهدةٍ وعَيان (٨).

فمن هذا قالوا إنَّها مشتقَّة من المشاهدة، التي تنبني عن المعاينة، فسُمِّيت بها؛ لأنَّ السَّبب المطلق للأداء المعاينة، فسُمِّي الأداء شهادةً إطلاقاً لاسم السبب على المُسَبَّبِ (٩).

وقيل: هي مشتقة من الشُّهود؛ بمعنى الحضور؛ لأنَّ الشَّاهد يحضرُ مجلس القاضي للأداء؛ فسمي الحاضرُ شاهداً، وأداؤه شهادةً (١٠).


(١) الناضبة: أي: البعيدة، ومنه قيل للماء إذا ذهب: نضب؛ أي: بعد. وخرق ناضب؛ أي: بعيد. الصحاح للجوهري (١/ ٢٢٦)، مادة: «نضب».
(٢) أخرجه: الطبراني في المعجم الأوسط (٦/ ٥٨)، رقم (٥٧٨٧)، والقضاعي في مسند الشهاب (١/ ١٠٨)، بلفظ: «خير الناس أنفعهم للناس»، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٧٨٧)، رقم (٤٢٦).
(٣) سورة المائدة: آية ٨.
(٤) سورة البقرة: آية ٢٨٣.
(٥) في «ج» و «س»: [الإعضام] والصحيح ما أثبته.
(٦) القارُّ: هو اللازم والثابت. العناية شرح الهداية (١٠/ ١٩٧).
(٧) أخرجه: العُقَيلى في الضعفاء (٣/ ٨٤)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٥/ ٩٤)، (٦/ ١٣٨)، والقضاعي في مسند الشهاب (١/ ٤٢٦)، وقال العجلوني في كشف الخفاء: «صرح الصغاني بأنَّه موضوع، وقال ابن حجر: ضعيف؛ بل قال الذهبي منكر» وذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة (١/ ٢٠٠)، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (٦/ ٤٣٨)، رقم (٢٨٩٨): «منكر».
(٨) يُنظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٣٦٤).
(٩) يُنظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٣٦٤)، الجوهرة النيرة (٢/ ٢٢٤).
(١٠) يُنظر: مختار الصحاح (ص ٣٥٤)، الجوهرة النيرة (٢/ ٢٢٤)، تبيين الحقائق (٤/ ٢٠٧).