للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[النكاح عند المجوس]]

فإن قلتَ: يُشكل على هذا ما إذا مات المجوسي عن اثنين أحدهما امرأته ذاتها لا تستحق بالزوجية شيئًا، مع أن اعتقادهم بأن هذا النكاح صحيح، وفيما صحّ النكاح ترِث المرأة عن زوجها في جميع الأديان إذا لم يوجد المانع، وههنا لا مانع في اعتقادهم، ثم لم نتركهم في هذا وما يدينون.

[[ليس من ضرورة صحة النكاح استحقاق الميراث]]

قلتُ (١): الملازمة فيه غير ثابتة في جميع الصور؛ لأنه ليس من ضرورة صحة النكاح استحقاق الميراث (٢) ألا ترى أن التوارث ممتنع بالرق واختلاف الدِين مع صحة النكاح؟ مع أن أهل الذمة لا يتوارثون بأنكحة المحارم؛ فلذلك لم تستحق بنته بالزوجية هناك (٣).

[تقوم الخمر عند أهل الذمة]

وأمّا الضمان مع استهلاك/ المتقوم فمتلازمان في جميع الصور، وهم اعتقدوا بتقوّم الخمر، وكان علينا أن نتركهم وما يدينون، فوجب الضمان لذلك في تركنا إياهم وما يدينون، (ليس بتوسعة للأمر عليهم بل فيه استدراج، وترك لهم على الجهل، وتمهيد بعقوبة الآخرة، والخلود في النار، وتحقيق لقول النبي -عليه السلام-: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» (٤)؛ وبهذا تبيَّن فساد ما قال: إن اعتقاده لا يكون حُجَّة على المُتْلِف؛ لأنا لا نوجب الضمان باعتبار اعتقاده، ولكن يبقى ما كان على ما كان (٥)، وهو المالية والتقوم، ثم وجوب الضمان بالإتلاف لا يكون الْمَحِلُّ مالًا متقوَّمًا، ولكن شرط سقوط الضمان بالإتلاف انعدام المالية والتقوم في الْمَحِلّ، وهذا الشرط في حقهم لم يثبت (٦) مع أنَّا لمَّا (٧) ضَمَّنَّا بعقد الذمة ترك التعرض لهم قد التزمنا حِفظها وحمايتها لهم، والعِصمة والإحراز تتم بهذا الحفظ، ووجوب الضمان بالإتلاف ينبني على ذلك، فكان هذا من (٨) ضرورة ما ضمنَّاه بعقد الذمة)، إلى هذا أشار في غصب «المبسوط» (٩) ونكاحه، (وإذا بقي التقوم فقد وجد إتلاف مال مملوك متقوّم فيضمنه).


(١) سقطت في (ع).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٥/ ٤٠)، فتح القدير (٩/ ٣٦٠).
(٣) انظر: فتح القدير (٩/ ٣٦٠)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٦٠)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٥٤).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، (٤/ ٢٢٧٢) برقم (٢٩٥٦).
(٥) انظر: أصول السرخسي (٢/ ٢٠)، كشف الأسرار (٣/ ٨٦).
(٦) في (أ): (يسقط) وما أثبت هو الصحيح لما هو مثبت بالمبسوط.
(٧) في (ع): (لو) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠٣).
(٨) في (أ): (أمر) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠٣).
(٩) للسرخسي (١١/ ١٠٣).