للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال فخر الإسلام: والفتوى على قول أبي يوسف في هذا لما أن ابتداء النفل غير مضمون قصدًا غير مشروع بخلاف ما تقدم من الموضعين أحدهما أن تمام السجدة بالرفع (١)، والثاني أن سجود السهو لنقصان تمكن في الفرض في هذه المسألة كان الفتوى على قول محمد رحمه الله، وقد ذكرناه (٢)، ثم فرق أبو يوسف بين هذا الفصل، وبين الفصل الأول، وهو ما إذا لم يقعد في الرابعة، فإنه قال هناك: تقضي ست ركعات، وقال: لما قعد في الرابعة: هنا قدر التشهد، ثم فرضه، فيصير شارعًا في النفل، فمن ضرورة شروعه في النفل خروجه عن (٣) الفرض، فإذا اقتدى به إنسان فإنما التزم ركعتين لا غير فلا يلزمه بالإفساد إلا قضاء ركعتين، وهناك لم يتم الفرض حتى يصير شارعًا في النفل، ويخرج عن الفرض ضرورة شروعه في النفل، بل يترك القعدة بطلت الفرضية أصلًا، وانعقد إحرامه في الابتداء لست ركعات، فإن اقتدى به إنسان إنما اقتدى به في تحريمه انعقدت للست فيصير ملتزمًا الست بالاقتداء فيلزمه عند الإفساد قضاء الست إلى هذا أشار في «المحيط» (٤)؛ لأن السقوط بعارض يخص الإمام، وهو ظن الإمام بأنها الركعة الثالثة، وكان شارعًا فيها على عزم أداء ما عليه بالإسقاط، فيجعل هذا العارض معدومًا في حق المقتدي، فكان بناء المضمون على المضمون، وعن هذا قلنا بصحة الاقتداء بالإجماع، وإلا لما جاز لما فيه من بناء القوي على الضعيف كما لا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل لهذا.

[[اقتداء البالغ بالصبي]]

وفي «الجامع الصغير» لقاضي خان:/ ومما يتصل لهذه المسألة اقتداء البالغين بالصبيان في التراويح، والسنن المطلقة قال مشايخ بلخ: يجوز؛ لأن الصبي من أهل التطوع إلا أنها لا تكون مضمونة عليه، ويكون مضمونة على البالغ، ومثل هذا لا يمنع الاقتداء كما في هذه المسألة حيث صح الاقتداء، وأنها مضمومة على المقتدي غير مضمونة على الإمام في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، وكذلك عند محمد في غير رواية النوادر (٥).

وقال مشايخ بخارى رحمهم الله: لا يصح الاقتداء بالصبيان في التراويح، كما لا يصح الاقتداء بهم في المكتوبة، وفرقوا بين مسألة الكتاب، وبين تلك المسألة على قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، وكذلك على قول محمد في قول بعض المشايخ (٦)، ووجه الفرق: أن في المسألة المقتدي والإمام كل واحد منهما من أهل الضمان إلا أنه سقط الضمان عن الإمام لمعنى عارض، وهو عدم القصد فلا يظهر في حق المقتدي، وإذا لم يظهر في حقه كان هذا اقتداء من يصلي صلاة مضمونة بمن يصلي صلاة مضمونة، فأما الصبي فليس من أهل الضمان، فلا يمكن أن يجعل مضمونًا عليه في حق المقتدي؛ لأنه الشيء إنما يقدر تقديرًا أن لو تصور تحقيقًا، فكان اقتداء البالغ بالصبي في معنى اقتداء المفترض بالمتنفل (٧).


(١) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٥١٣.
(٢) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٥٨.
(٣) - في ب من بدل من عن
(٤) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٤.
(٥) انظر: بدائع الصنائع: ١/ ١٧٩.
(٦) انظر: بدائع الصنائع: ١/ ١٧٩.
(٧) انظر: تبيين الحقائق: ١/ ١٩٨.