للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِيهِمَا يُصَلِّي سِتًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، أي: على طريق اللزوم، ومعناه: أنه لما أتى بهذه الركعة مع الأمام، فيأتي المقتدي بعده بخمس ركعات سواها؛ لأن إحرام الفرض لما لم ينقطع عنده صار المقتدي شارعًا في الكل؛ وذلك لأنه لما شرع في تحريمة الإمام فيلزمه ما أدى الإمام بهذه التحريمة، وقد أدى الإمام ست ركعات فيلزمه ذلك، ولهما أنه اقتدى به في النفل بعد خروجه من الفرض خروجًا مستحكمًا، فلا يلزمه غير هذا الشفع، كذا في «الجامع الصغير» لقاضي خان (١). وكيف يصلي هذا الخمس عنده؟ ينبغي أن يقوم فيصلي ركعة فيقعد، ثم يصلي ركعتين فيقعد، ثم يصلي ركعتين فيقعد، فهذا قياس مذهبه؛ لأن القعود مشروع عند انتهاء كل ركعتين، ولو أفسده المقتدي لا قضاء عليه عند محمد، ثم يصلي ركعتين فيقعد، فهذا قياس مذهبه؛ لأن القعود مشروع (٢) إلى اعتبارًا بالإمام، ولأنها لو صارت مضمونة على المقتدي لصارت بمنزلة اقتداء المفترض بالمتنفل، وذلك باطل، كذا ذكره فخر الإسلام (٣). وعند أبي يوسف رحمه الله يقضي ركعتين، وكان من حقه أن يقول: وعند أبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهما الله بدليل ما تقدم في قوله: وعندهما ركعتين، وبدليل ما ذكر في «الجامع الصغير» لقاضي خان (٤)، وعندهما يقضي (٥) ركعتين ثم أن المقتدي إنما يقضي ركعتين (٦) بخلاف الإمام؛ لأن المقتضي للوجوب ثابت في حق الإمام، وهو الشروع ممن كان أهلًا لتوجه/ الخطاب نحوه بالنهي عن إبطال العمل، ومتى قام المقتضي في حق الإمام يجب، إظهار حكمه في حق المقتدي، وإن لم يظهر حكمه في حق الإمام بعارض الظن الذي خُصّ هو به ونظيره ما ذكره شمس الأئمة السرخسي في باب التيمم من «المبسوط» (٧): هو أن المتوضئ إذا اقتدى بالمتيمم، ثم أنه أبصر الماء بقرب إمامه، والإمام لا يعلم به فسدت صلاة المقتدي دون صلاة الإمام لقيام المقتضي لفساد صلاة الإمام، وهو كون الماء على قرب منه، وطهارة الإمام معتبرة في حق المقتدي، ولذا امتنع اقتداء الصحيح بالجريح الذي جرحه لا يرقأ إلا أنه لم يظهر حكمه في حق الإمام لكان الجهل بمكان الماء، فظهر في حق المقتدي عملًا بالمقتضي بقدر الإمكان بخلاف ما لو اقتدى بصبي حيث لا يجوز اقتداؤه به عنده لانعدام ما ذكرنا من المقتضي في حق الإمام (٨) لامتناع توجه الخطاب نحوه بالنهي عن إبطال العمل، كذا في «الفوائد الظهيرية» (٩).


(١) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١٣.
(٢) ساقط من ب (ثم يصلي ركعتين فيقعد، فهذا قياس مذهبه؛ لأن القعود مشروع).
(٣) انظر: تبيين الحقائق: ١/ ١٩٨.
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١٣.
(٥) ساقط من ب (يقضي).
(٦) ساقط من ب (ثم أن المقتدي إنما يقضي ركعتين).
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٢١٩.
(٨) - ساقط من ب (الإمام)
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٢١٩.