للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في شهادة من يفعل الأفعال المستحقرة]

«ولا من يفعل الأفعال المستحقرة» (١)، وفيه نسخ المستحقرة المستخفة المستقبحة، من الاستحقار، والاستخفاف والاستقباح كلها على بناء اسم المفعول المستخفة من التسخيف على بناء اسم الفاعل (٢).

وصحح في المغرب هذه في الأخيرة دون غيره، وقال: «سخَّفته نسبته إلى السخف، وهو رقة العقل، من قولهم: ثوب سخيف، إذا كان قليل الغزل.

وعليه ما في المختصر: لا تجوز شهادة من يفعل الأفعال المستخفة، ثم قال: وهكذا بخط شيخنا وتصحيحه.

أمَّا المستخفة -بكسر الخاء- وفتحها ففي كل [منها] (٣) تَمحُّل» (٤).

في شهادة من يأكل في الطريق

«والأكل على الطريق» (٥): يعني به: بمرأى الناس.

وذكر في فتاوى قاضي خان (٦): «ولا تقبل [شهادة من أكل] (٧) في السوق بين أيدي النَّاس، لأنَّ ذلك لا يفعل من كان له مروءة».

وذكر في الذَّخيرة (٨) والمغني: «قد قال بعض مشايخنا إنَّ شهادة الصكاكين لا تقبل؛ لأنَّهم يكتبون هذا ما اشترى فلان بن فلان، وقبض المشتري ما اشترى، وسلم البائع ما باع، وضمن الدرك (٩) وإن لم يكن شيء من ذلك، فيكون هذا منهم كذباً محضاً، إذ لا فرق بين الكذب بالقول وبين الكذب بالكتابة، والصحيح أنَّه تقبل شهادتهم إذا كان غالب أحوالهم الصلاح (١٠).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه قال: «لا تجوز شهادة أصحاب [الخمر] (١١)» (١٢)، وأراد به: النَّخَّاسين (١٣).

وإنَّما قال ذلك لكثرة ما يكذبون، ولأيمانهم الفاجرة، فإن عُلِم من واحد منهم أنَّه لا يجري منه الكذب واليمين الفاجرة كان عدلاً فتقبل شهادته.


(١) الهداية (٣/ ١٢٣).
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤١٤).
(٣) سقط من «س».
(٤) ينظر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٢٠ - ٢٢١).
(٥) الهداية (٣/ ١٢٣).
(٦) فتاوى قاضي خان (٢/ ٢٧٧).
(٧) في «س»: [الشَّهادة من يأكل].
(٨) المحيط البرهاني (٨/ ٣٢٠).
(٩) ضَمان الدَّرَك: هو الضمانُ برد الثمن للمشتري عند استحقاق المبيع بأن يقول: تكفَّلت بما يدركك في هذا المبيع. التعريفات الفقهية (ص ١٣٤).
(١٠) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٥٠).
(١١) في النسخ: [الحمير]، وكذلك في المبسوط، والمثبت من المصنف لابن أبي شيبة.
(١٢) أخرجه: ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٦)، رقم (٢٣١٨٦).
(١٣) النخاسين: أي: الدَّلالين، جمع نخاس من النَّخس وهو الطعن، ومنه قيل لدلال الدواب نخاس، ينظر: رد المحتار (٥/ ٤٧٥)، مجمع بحار الأنوار (٤/ ٦٧٤).