للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: الفرق بينهما ظاهر، (أما في تقليد القضاء؛ فإن القاضي لا يعمل لنفسه فيما يقضي بل هو نائب عن المسلمين؛ ولهذا يَرجع بما يلحقه من العُهْدة في مال المسلمين، وكيف يكون عاملًا لنفسه، وهو فيما يعمل لنفسه لا يصلح أن يكون قاضيًا)؛ بخلاف العبد فإنه (١) غير نائب عن الموْلَى.

[وأما المستعير أو المستأجر، فإنه يتصرف في محل هو مِلك الغير بإيجاب صاحب الملك له] (٢)، وإيجابه في ملك نفسه يقبل التخصيص، وأما العبد فلا يتصرف من إيجاب الموْلَى؛ لِما يجيء أن التصرف غير مملوك للموْلَى في ذمته، فكيف يوجب ما لا يملكه؟ كذا في «المبسوط» (٣)

[[الإذن لا يقبل التأقيت]]

(وإسقاط الحق عندنا): أي (إذن الموْلَى لعبده في التجارة) إسقاط لحق نفسه الذي كان العبد محجورًا عن التصرف في مال الموْلَى قبل إذنه، وبالإذن أسقط حق نفسه عنده (٤)، والعبد بعد ذلك يتصرف لنفسه بأهليته (٥)، وأثر الإسقاط ما ذكره (٦) بعده بقوله: (ولهذا لا يقبل التأقيت)، وأثر تصرف العبد بأهلية نفسه ما ذكره بعده بقوله: (ولهذا لا يرجع بما لحقه من العهدة على الموْلَى) فكان فيه صَنْعَةُ اللَّفِّ والنَّشْر (٧).

وعند الشافعي (٨) (٩): تصرف العبد المأذون كتصرف الوكيل؛ بدليل أن الملك للموْلَى فيما يشتري، فاستقام أن يُجعل نائبًا عن الموْلَى وكيلًا من قِبَله، ولكن لا يَلزم الموْلَى الثمن؛ لأن الموْلَى قَصَد بالإذن تحصيل الربح لا غير، وذلك بأن يقضي دَين التجارة من مال التجارة، فيخْلُصُ الفَضْل ربحًا له بلا غُرم. كذا في «الأسرار» (١٠).


(١) في (ع) زيادة (يرجع).
(٢) سقطت في (ع).
(٣) للسرخسي (٢٥/ ١١).
(٤) في (أ) (عنه)، وما أثبت هو الصحيح. انظر: فتح القدير (٩/ ٢٨١).
(٥) الأهلية: عبارة عن صلاحية لوجوب الحقوق المشروعة له أو عليه. التعريفات (ص: ٤٠)، معجم لغة الفقهاء (ص: ٩٦).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) اللف والنشر: هو من المحسنات المعنوية، وهو ذكر متعدد على التفصيل أو الإجمال ثم ذكر ما لكل من غير تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه. التعريفات (ص: ١٩٣)، الكليات (ص: ٧٩٨).
(٨) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٥٠٦)، المهذب (٢/ ٢٣٥)، تحفة المحتاج (٤/ ٤٨٥)، نهاية المحتاج (٤/ ١٧٠).
(٩) وبه قال مالك وأحمد. انظر: الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (٣/ ٣٠٤)، المغني لابن قدامة (٤/ ٦١).
(١٠) انظر: الأسرار للدبوسي (١/ ٣٩٧).