للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (فَأَغْنَى عَنِ امْتِدَادِ جُعِلَ عَلَمًا علَيْهِ (١) فِي الْحَيْضِ) (٢)

أَيْ: عَنِ امْتِدَادِ دَمٍ مَجْعُولٍ، عَلَامَةً عَلَى خُرُوجِ الدَّمِ (٣) مِنَ الرَّحِمِ؛ الْمُسْتَقِرِّ فِي الْحَيْضِ، أَيْ: اشْتَرَطَ (٤) امْتِدَادَ الدَّمِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ شَرْعًا فِي بَابِ الْحَيْضِ لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الدَّمَ؛ مِنَ الرَّحِمِ (٥)؛ وَهُوَ مَخْصُوصٌ فِي الْحَيْضِ، وأما فِي بَابِ النِّفَاسِ، قَامَ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ، فَيُعْلَمَ بِذَلِكَ الدَّلِيلُ؛ عَلَى أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ مِنَ الرَّحِمِ، [وَهُوَ بَعْدَ] (٦) خُرُوجِ الْوَلَدِ؛ فَلِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الامْتِدَادِ فِي النِّفَاسِ، فَإِنَّ فَمَ الرَّحِمِ؛ كَانَ مُنْسَدًّا بِالْوَلَدِ، فَلَمَّا خَرَجَ الْوَلَدُ؛ زَالَ الانْسِدَادُ، وَخَرَجَ الدَّمُ مِنَ الرَّحِمِ، فَكَانَ قَوْلُهُ: (جُعِلَ عَلَمًا) جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ، وَقَعَتْ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ، وَهِيَ (عَنِ امْتِدَادِ) فَكَانَ التَّقْدِيرُ مَا قُلْنَا.

[أَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ]

قَوْلُهُ: (وأكثره أَرْبَعُونَ يَوْمًا) (٧) (٨)


(١) يعود الضمير إلى خروج الدم من الرحم.
(٢) بدون أداة التشبيه (كما) قبل (في الحيض)، فإن صاحب الهداية -رحمه الله- قال: (فأغنى عن امتداد جعل علما عليه كما في الحيض). ينظر "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٥)، وذكره الشارح "بخلاف الحيض" وهو الصواب والأنسب للمعني. ينظر: البناية شرح الهداية للعيني (١/ ٦٩٢)، شرح اللكنوي (١/ ٢٢٦)، الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي (١/ ٣٠٦).
(٣) في (ب): (ولد الدم).
(٤) في (ب): (اشتراط).
(٥) في (ب): (من الحيض).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) لحديث رواه الترمذي في سننه حديث رقم (١٣٩) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كانت النُّفَساء تجلس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين يوماً». قال الترمذي: هذا حديث غريب أ. هـ "سنن الترمذي (١/ ٢٥٦) ورواه أبو داود في سننه، حديث رقم (٣١٥) (١/ ٣٠٢)، وابن ماجه، حديث رقم (٦٤٨) (١/ ٢١٣)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٧٥)، وحسنه النووي في المجوع (٢/ ٥٢٥)، وينظر لطرقه وشواهده " نصب الراية للزيلعي " (١/ ٢٤)، " التلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني" (١/ ١٧١).
(٨) وأما أكثره فقال مالك مرة: هو ستون يومًا، ثم رجع عن ذلك، فقال: يسأل عن ذلك النساء، وأصحابه ثابتون على القول الأول، وبه قال الشافعي. وأكثر أهل العلم من الصحابة على أن أكثره أربعون يوما، وبه قال أبو حنيفة. وقد قيل تعتبر المرأة في ذلك أيام أشباهها من النساء، فإذا جاوزتها فهي مستحاضة، وفرق قوم بين ولادة الذكر وولادة الأنثى، فقالوا: للذكر ثلاثون يوما، وللأنثى أربعون يوما. وسبب الخلاف عسر الوقوف على ذلك بالتجربة لاختلاف أحوال النساء في ذلك، ولأنه ليس هناك سنَّة يعمل عليها كالحال في اختلافهم في أيام الحيض والطهر). انظر: (١/ ١٨٨)، "بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي" (١/ ٥٨). وفي الفقه المالكي: " الإشراف على نكت مسائل الخلاف"للبغدادي، وفي مذهب الشافعية: الأم للشافعي (٥/ ١٩٥).