للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن صورة الاستئجار التي ترك فيها القياس للتعامل: دخول الحمام؛ إذ فيه استهلاك الماء وهو عين، واستئجار الظئير، ومنه استهلاك اللبن وهو عين.

النيروز أصله النوردز وهما تعربان (١)، فقد تكلم به عمر -رضي الله عنه- فقال: كل يوم لنا نورز (٢) حين كان يبتهجون باليوم الذي يسمونه النوروز وهو يوم في طرف الربيع، والمهرجان يوم في طرف الخريف (تعريب مهر كان آن وقت كه برك ديزر ودرتير ماه) (٣)

أي: تأجيل الثمن على المشتري إلى النيروز، وهو يوم غير معلوم، فلذلك فسد البيع، والدليل على هذا تعليله في الفساد بقوله:

[[البيع بجهالة الأجل]]

(لجهالة الأجل وارتفاع الفساد) (٤) وعند معلومه بقوله:

(إلا إذا كانا يعرفانه)

أي: حينئذ يجوز تأجيل الثمن إلى هذه الأوقات؛ [لأنه لو كان المراد منه تأجيل المبيع إلى هذه الأوقات أي: لا يسلمه إلى هذه الأوقات] (٥) لا يصح التعليل بالجهالة؛ لأن تأجيل المبيع إلى الوقت المعلوم مفسد للبيع بدليل قوله:

ومن باع (٦) عيناً على أن (لا) (٧) يسلمها إلى رأس الشهر فالبيع فاسد

وقد ذكره مرة فلا يذكره ثانياً، مع أنه لا يساعده لتعليله بالجهالة، وكذلك لا يجوز أن يراد منه توقيت البيع (٨) إلى هذه الأوقات، فإن ذلك باطل، سواء كان ذلك الأجل معلوماً أو مجهولاً؛ لأن نفس التوقيت مفسد للبيع؛ لكونه على خلاف موجبه الذي هو التأبيد فتعين ما قلنا: إن به (٩) المراد منه تأجيل الثمن إلى هذه الأوقات المجهولة، فعند عرفان تلك الأوقات يرتفع الفساد؛ لأن الثمن قابل للتأجيل؛ ولأنه (صرح) (١٠) بذكر الثمن وتأجيله في آخر هذه المسألة في الكتاب (١١)، فقال: "بخلاف البيع فإنه لا يحتملها في أصل الثمن فكذا في وصفه، بخلاف ما إذا باع مطلقاً ثم أجل الثمن"، [وكذا صرح (١٢) الإمام الأجل أبو الفضل - رحمه الله - في الإيضاح بالثمن] (١٣) فقال: وإن كان الثمن ديناً فالأجل معلوم (١٤) فيه جائز، والأصل (١٥) المجهول لا يجوز، ثم قال: الأجل المجهول هو أن يبيع إلى الحصاد والدَّياس، وذلك مما يتقدم ويتأخر، وكذلك التأجيل إلى قدوم الحاج، أو إلى القطاف (١٦)، أو إلى النيروز والمهرجان إذا كان لا يعرفان، ثم اعلم أن هذا الذي ذكرنا -وهو أن البيع إلى النيروز، وكذا إلى غيره من الآجال المجهولة- لا يصح في الثمن الذي هو الدراهم والدنانير، وأما إذا كانت الآجال معلومة فيجوز، وأما إذا كان الثمن عيناً فضرب فيه الأجل فسد البيع، سواء كان الأجل معلوماً أو مجهولاً؛ لأن الأجل في العين باطل، وكذا إذا ضرب الأجل في تسليم المبيع فهو باطل، كذا في شرح الطحاوي (١٧).


(١) "معربان" في (ب).
(٢) بعد البحث لم أقف على هذا الأثر من مصادره.
(٣) قال في الهداية: "قال: "والبيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إذا لم يعرف المتبايعان ذلك فاسد" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٤٥٠).
(٤) قال في الهداية: "وهي مفضية إلى المنازعة في البيع" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٤).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٦) سقطتا من (ب).
(٧) في (ب).
(٨) "المبيع" في (ب).
(٩) "به " سقط من (ب)، وإسقاطها أولى.
(١٠) في (ب).
(١١) الهداية (٣/ ٩٨٤).
(١٢) "به" زيادة في (ب).
(١٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(١٤) "المعلوم" في (ب).
(١٥) "الاجل" في (ب) و (ج).
(١٦) "الحصاد" في (ب).
(١٧) تبيين الحقائق (٤/ ٥٩)، فتح باب العناية (٢/ ٤٧٩).