للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نية الحج اللهم إني أريد الحج]

قال -رحمه الله-: (قال: ([وقال] (١): اللهم إني أريدُ الحجّ) (٢).

أي: قال محمد -رحمه الله- قال الذي يريد الحجّ: اللهم إني أريد الحجّ.

وفي بعض النسخ لم يذكر قال الأول، وألحقه بحديث جابر - رضي الله عنه -، أي: «صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذي الحليفة» (٣).

و (قال) أي: النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصحيح هو الأول لأنه هو المثبت في الكتب المتقنة عند الأساتذة (٤)، ولأنه موافق لرواية «المبسوط» (٥)؛ لأنه ذكر في «المبسوط» (٦) حديث جابر بلفظ الماضي الغائب كما ذُكر هنا.

ثُمَّ قال (وقل اللهم إني أريد الحجّ) خطابًا من أبي حنيفة لأبي يوسف -رحمهما الله- كما خاطب فيما قبله، وفيما بعده، وهذا اللفظ كما ترى لا يحتمل أن يكون معطوفًا على حديث جابر لتنافر الكلام.

[التلبية أول الأقوال بعدالإحرام]

(ثُمَّ يلبي عقيب صلاته) (٧).

والكلام هاهنا في [فصول] (٨).

[الاختلاف في التلبية]

أحدها: في اشتقاق التلبية قيل: هي مشتقة من قولهم: لبَّ الرجل إذا أقام في

مقام، فمعنى قول القائل: لبيك أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة (٩)؛ لأن التثنية (١٠) (١١) للتكرير (١٢)، والتكثير (١٣) كما في قوله تعالى {كَرَّتَيْنِ … يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ … خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} (١٤)، فالمراد به: التكرير، والتكثير؛ لأن انقلاب البصر خاسئًا وهو حسير يدل عليه.


(١) أثبته من (ج).
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٣)
(٣) متفق عليه: أخرجه البخاري في "صحيحه" باب: [يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَقَصَرَ وَهُوَ يَرَى البُيُوتَ، فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ الكُوفَةُ قَالَ: «لَا حَتَّى نَدْخُلَهَا»] (٢/ ٤٣) برقم: [١٠٨٩]، وأخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [تَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَإِشْعَارِهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ] (٢/ ٩١٢) برقم: [١٢٤٣].
(٤) الأساتذة: المقصود بهم أهل الحديث وعلماؤه.
(٥) انظر: المبسوط (٤/ ٤).
(٦) انظر: المبسوط (٤/ ٤).
(٧) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٣)
(٨) ساقطة من (ب)، وفي (ج) على وجوه.
(٩) وهذا كما يقال: ادخلوا الأول فالأول، والغرض من ذلك دخول الجميع. انظر: الشِّلْبي (٢/ ١٠).
(١٠) في (ج) التلبية.
(١١) قلت: القول بأن (لَبَّيْكَ) لفظ مثنى هو قول أكثر النحويين، ومنهم سيبويه حيث قال: إنه مثنى للتكثير والمبالغة، ومعناه: إجابة بعد إجابة ولزومًا لطاعتك، فتثنيته للتوكيد ولزيادة إظهار الطاعة لا تثنية حقيقية. وقال يونس البصري: إن (لَبَّيْكَ) اسم مفرد، وإن ألفه انقلبت ياء لاتصالها بالضمير على حدّ (لديّ). وقال ابن الأنباري: ثنوا (لَبَّيْكَ) كما ثنو حنانيك، أي: تحنّنا بعد تحنّن. قال ابن الضياء: والصحيح مذهب سيبويه أنه مثنى، وعليه أكثر الناس. وأصل (لَبَّيْكَ): لبّبْتك، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات، فأبدلوا من الثالثة ياء، كما قالوا من الظن: تظنيت، والأصل: تظننت.
انظر: المفهم (٣/ ٢٦٦)، شرح مسلم للنووي (٨/ ٨٧)، هداية السالك (٢/ ٥٠٦)، لسان العرب (٥/ ٣٩٨٠)، البحر العميق (٢/ ٦٥٨)، فتح الباري (٣/ ٤٠٩)، طلبة الطلبة (ص/ ٥٧)، المصباح المنير (ص/ ٥٤٧)، المجموع (٧/ ٢٤٤).
(١٢) التكرير: أي تكرار التلبية. انظر: مختار الصحاح، مادة كرر (٢٤٩)
(١٣) التكثير: أي الإكثار من ذكر التلبية لبيك اللهم لبيك.
انظر: مختار الصحاح، مادة كثر (٢٤٣).
(١٤) سورة الملك من الآية (٤).