للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والغالية (١)؛ لأنه منتفع بالطيب بعد الإحرام؛ لأنه لمّا كان الطيب مما يبقى عينه بعد الإحرام كان منتفعًا بعين الطيب، وهو ممنوع عن ذلك، وذلك لأن للبقاء حكم الابتداء كما في [الثوب] (٢)، والدليل عليه ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه رأى أعرابيًا عليه الخَلُوف (٣) فقال: «اغسل عنك هذا الخَلُوف» (٤).

ولنا ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «طيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِإِحْرَامِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِإِحْلَالِهِ حِينَ أَحَلَّ، قبل إنْ يَطوفَ بالبيتِ» (٥) «ولقدْ رأيتُ وبيصَ الطيبِ في مفارقِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بعدَ إحرامهِ» (٦)، ولأنه إذا تطيب صار الطيب كالتابع له لاتصاله به، وأطلق له ذلك لما حرم عليه في الإحرام؛ ليندفع به ما يوجد في الإحرام من معنى [التفل] (٧)، وأنه على مثال السحور تقدم على الصوم ليندفع به أذى الجوع، فيحصل له معنى العبادة، ويندفع عنه (٨) الأذى، رحمة من الله وفضلًا بخلاف الثوب؛ لأنه مباين عنه، فلم يمكن أن يُعتبر تابعًا له وحديث الأعرابي محمولٌ على هذا، وهو كون الطيبِ على ثوبه لا على بدنه كذا في «الإيضاح» (٩).


(١) الغالية: نوع من الطيب، مركّب من مسك وعنبر وعود ودهن، فهي أخلاط من الطيب، ويقال: إن أول من سماها بذلك سليمان بن عبد الملك، يقال فيه: تغاليت بالغالية.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٢/ ٦٢)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٢٩٦)، المصباح المنير (ص/ ٤٥٢).
(٢) أثبته من (ج) وفي (أ، ب) الثبوت، ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٣) الخَلُوف: تَغَيُّرُ طَعْمِ الْفَمِ لتأَخُّرِ الطَّعَامِ.
انظر: لسان العرب (٣/ ٩٣).
(٤) أخرجه الشافعي بالنص برواية سفيان عن عبدالرحمن بن القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة رضي الله عنها وقد بسطت يديها تقول: " أنا طيبت رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- - بيدي هاتين لاحرامه حين أحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت " (١/ ١٢١)، وفي مسند أحمد برواية محمد بن عبيد الله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: " طيبت رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- لاحرامه حين أحرم، ولحله حين أحل بمنى، قبل أن يفيض " (٤١/ ٢٠٩)، برقم ٢٤٦٧٢، كما اخرجه ابن ماجة في سننه برواية علي بن محمد حدثنا خالي محمد وابو معاوية وابو أسامة عن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: " طيبت رسول الله - -صلى الله عليه وسلم- - لاحرامه حين حرم، ولإحلاله حين حل " (٢/ ١٠١١)، برقم [٣٠٤٢]
(٥) أخرجه ابن ماجه في "سننه" باب: [مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ، إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ] (٢/ ١٠١١) برقم: [٣٠٤٢]،
(٦) متفق عليه: أخرجه البخاري في "صحيحه" باب: [الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ، وَمَا يَلْبَسُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَتَرَجَّلَ وَيَدَّهِنَ] (٢/ ١٣٦) برقم: [١٥٣٧]، وأخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ] (٢/ ٨٤٨) برقم: [١١٩٠].
(٧) أثبنه من (ب، ج)، وفي (أ) النقل. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٨) في (ب، ج): غير.
(٩) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٤٣٢).